الحكومة والأحزاب السياسية وكل القوى الوطنية يعيشون لحظة ذهول وإرباك وتوهان، وأعصاء موتمر الحوار أكثر حيرة وتوهاناً، وكل مكوّن؛ بل كل فرد ينظر إلى الآخر لعله يجد لديه ما يخرجه من هذا الهول والذهول، بل إن كل مكوّن وكل حزب يرمي باللائمة على الآخر ، معتقداً أنه بهذا اللوم أو الاتهام قد أسقط الواجب الذي عليه. وطن مهدد بالتشظّي، وقتل واستهداف لكل شيء وعلى رأس ذلك استهداف الإنسان والثروة وآخرها الجريمة الكبرى التي استهدفت وزارة الدفاع وبالأخص مستشفى العرضي بتلك البشاعة التي شاهدها كل أبناء الوطن بل وشاهدها العالم كله، وكذلك استهداف أنابيب النفط، أما استهداف الكهرباء وضرب أبراجها أصبح عملاً روتينياً؛ بل بلغ الأمر أن المخربين بدلاً من أن يطاردوا ويطالهم العقاب؛ أصبحوا لا يسمحون للفرق الهندسية بإصلاح ما يخربونه بسبق إصرار، وللأسف يعلن هذا الأمر عبر الإعلام الرسمي دون أن يتخذ ضدهم أي اجراء ، ولم يبق إلا ان يتم الاتفاق رسمياً بين هؤلاء المجرمين وبين الدولة على ان يسمح لهم بالتخريب لهذه الأبراج مقابل ان يسمحوا للمهندسين بإصلاح ما يخربونه..!. والمؤلم إن كل شيء جميل في اليمن أصبح مستهدفاً، تركنا مصير بلادنا يتحدث عنه في مؤتمر الحوار وفي معظم المحافل المزايدون والمبتزون الذين لا يرون إلا مصالحهم والمتربصون بالوطن المرتهنون لأجندة خارجية وأصحاب المشاريع الصغيرة، وغيّب السواد الأعظم من أبناء الشعب عن قضية الوطن ومصيره. أعتقد أنه آن الأوان لكل أبناء الشعب اليمني دون تأخير أن يستشعروا خطورة اللحظة التاريخية التي تمر بها البلاد ويدركوا حجم الخطوب المحدقة بهم، والتي لن تستثني أحداً منهم، فيحتّم عليهم ان يقوموا بواجبهم نحو وطنهم ويقفوا صفاً واحداً ويوقفوا كل مزايد ويردعوا كل متاجر بمصير الأمة، بل الواجب التفاف الجميع حول الرئيس عبدربه منصور هادي الذي كثيراً ما يدعو أبناء الشعب وكل القوى في كل خطاباته إلى تحمُّل مسؤولياتهم التاريخية وخاصة النُخب وقادة الأحزاب وكل رجال اليمن ونسائه. فلنلتف حول الرئيس جميعاً بمختلف التيارات والمشارب من أجل الوطن لكي لا ندعه وحده، وفي المقابل نحمّله المسؤولية التاريخية لقيادة الوطن في هذه اللحظة التاريخية الحرجة ليوصله إلى بر الأمان، وعلينا ألا نرهن مصير الوطن ًبمجموعة 8+8 في الحوار إذا لم يتوافقوا ويخرجونا إلى طريق صحيح، كونهم لا يمثلون أبناء الوطن ولم يفوضهم أحد من أبناء الشعب. والواجب أن نناشد الأخ الرئيس بالحسم السريع لكل قضايا الوطن بمسؤولية وطنية عالية بموجب التفويض الذي منحه إياه أبناء الشعب اليمني عبر صناديق الاقتراع أثناء انتخابه، ونقول له كما قال الشاعر: إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة.. فإن فساد الرأي أن تتردّد. فالوطن اليوم يمر بأخطر مراحله، وهناك أجندة تنهش في جداره، بل في سويداء قلبه، وأصبحت النعرات المناطقية تتعالى، وما الدعوات التي انطلقت من محافظة حضرموت أو شبوة لرحيل من ليس من هذه المحافظات عنّا ببعيد رغم أنها لا تمثّل غالبية أبناء هذه المحافظات الشرفاء؛ ولكنها تشكّل جس نبض للدولة والحكومة. وللأسف، لا تقف الحكومة أمام هذه الإفرازات المريضة لتضع لها العلاج الشافي والحزم الذي يتناسب مع حجمها، وأصبح المواطن في كل المحافظات يشكو الفساد والتسيب والانفلات الأمني، وصوت المفسدين ودعاة التمزيق هو الصوت المرتفع، والأغلبية العظمى من أبناء هذه المحافظات لا حول لهم ولا قوة، والحكومة غافلة ومنهمكة في أمور فرعية وهامشية، فهل ننتظر حتى يقع الفأس على الرأس..؟!. على الجميع حكومة وأحزاباً وعلماء ومنظمات مجتمع مدني وقبائل وشخصيات اجتماعية ومشايخ ورجال فكر وكل فئات المجتمع توحيد صفهم، وبنبذ الأحقاد والترفع والسمو فوق الخلافات واستشعار المسؤولية التاريخية التي تقع على عواتقهم، فالوطن ينزف، والأخطار تحدق به، والحال العام وصل إلى مستوى خطير يعتبر السكوت عنه خيانة عظمى. أما الإعلام بكل وسائله وبشكل عام فإنه أصبح معول هدم ولا يقل خطراً عما يقوم به المخربون بكل أشكالهم وأنواعهم، بل إنه أشد خطراً لأنه يفسد الفكر ويضلل الرأي العام ويزرع الفُرقة والأحقاد، فعلى رجال الإعلام وكوادره تقع مسؤولية كبرى بضرورة الإحساس بالمسؤولية والواجب، فالواجب هو أن يتحوّل خطاب الإعلام إلى خطاب مسؤول يقدّم مصلحة الوطن العليا على مصلحة الجيوب والمصالح الضيقة، وأن يحتًرم شرف المهنة، وعدم تجاوز الخطوط التي تضر بالوطن وأمنه ووحدته ونسيجه الاجتماعي. اللهم احفظ وطننا واحفظ أمنه ووحدته، ووحّد كلمة أبنائه على الخير والصلاح والمواطنة المتساوية. رابط المقال على الفيس بوك