المنابر الدينية، سواء كانت منابر المساجد، أو منابر إعلامية “مرئية ومقروءة ومسموعة” ليست للإفتاء، والتكفير، وإباحة الدماء والأعراض والأموال لأي أحد... فدم الإنسان حرام، وعرضه حرام وماله حرام.. دم المسلم على المسلم حرام، وهكذا دماء الآخرين.. وهو ما تعلمناه، وعرفناه من كتاب الله، وسنة محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، وأثناء الخلافة الراشدة حتى خلافة عثمان رضي الله عنه، وبعده علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ورضي الله عنه، وما تبعهما من حروب، ومواجهات بين المسلمين، وما لحق تلك الفترة التي سميت بالفتنة.. واستمرار ذلك بعد استشهاد سبط رسول الله الحسين بن علي ، وهكذا حتى يومنا هذا، ما زالت الفتن والانقسامات والتمزق والتعصب والتطرف ينهش الجسد الإسلامي ويقتله يومياً، حتى أصبح هزيلاً ضعيفاً، لا يقوى على الوقوف أمام أعدائه من الغربيين، والصهاينة.. ومن أهم الأسباب لذلك علماء التعصب والتطرف وإقدام الكثير من ذوي الجهالة، وقليلي العلم ومن يهيأ لهم بحفظ ما تيسر من القرآن والحديث والوقائع، والسيرة إنهم علماء وشيوخاً وتجار لهم الفتوى وأقدموا على الإفتاء والتكفير، وإباحة الدماء، وإثارة وقيادة الفتن من على منابر المساجد ومن خلال منابرهم الإعلامية المختلفة، وأوقعوا العالم الإسلامي فيما هو فيه من فتن وإحن وحروب وسفك دماء وتخريب وتدمير لمقدرات البلاد الإسلامية وبطرق وأساليب فيها وحشية وبشاعة وخبث ..في الوقت الذي يجب أن يكون ما فيه خلاف من المسائل الفرعية في الدين بين العلماء.. ولا يخرج للعامة حتى يتم الاتفاق، والتوافق بين العلماء على رؤية موحدة ثم يخرج للأتباع والعامة حفاظاً على سلامة ووحدة الأمة. المسلمون ممزقون تطعنهم الفتن، والحروب والتخريب والتدمير.. فالمنابر أصبحت كثيرة، وتصل إلى المسلمين في كل أنحاء العالم وصارت الفتاوى عبر المنابر الإعلامية، ومنابر المساجد لتوقع الخلاف والاختلاف بين أمة محمد بن عبدالله نقمة بدلاً مما هي نعمة.. بينما المعروف أن الفتاوى لا تجوز لأحد إلا لهيئة مشكلة من عدد من العلماء يحرصون ويشددون أن تكون الفتوى في إصلاح المسلمين، وتوحيدهم والحفاظ على أخوتهم، وتضامنهم، وتكافلهم وتراحمهم وتعاونهم ولا تثير الفتنة والضغينة والحقد والكراهية بينهم وهو ما يدعو إلى تحريم الفتاوى عبر المنابر الإعلامية، والمساجد وتبقى المنابر الدينية مساجد وإعلاماً للإرشاد والتوجيه وغرس قيم ومبادئ وأخلاق الدين وتربية المسلمين على العلاقات الفاضلة بين الأولاد والآباء والأقرباء وبين الجيران وبين أبناء المدينة، وبين أبناء الوطن يجب أن تكون المنابر الدينية لإرشاد وتوجيه المسلمين بأخلاق الإسلام الحميدة والسامية، وقيم الخير { وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} و{إنك لعلى خلق عظيم} هكذا قال الله تعالى في كتابه الحكيم القرآن الكريم وما إلى ذلك من خلق الإسلام بدلاً من استخدام المنابر للفتاوى التدميرية لحياة المسلمين. وما يحتاج لفتوى يحال إلى هيئة الافتاء، والتي تقول فيه ما يصح شرعاً.. ثم يحال الأمر “أي الفتوى” إلى الجهات الشرعية المعول عليها رسمياً أن تقضي في ذلك بحكم قضائي ينفذ من قبل جهات ضبط قضائية مخولة رسمياً بذلك.. وحفاظاً على وحدة الأمة وسلامتها وهو واجب ولي الأمر.. عليه أن يغلق كل منبر تصدر منه أسباب الفتنة أياً كان فرسول الله أغلق مسجداً لأنه كاد أن يوقظ فتنة بين المسلمين.