إلى تلك الأقلام التي جفت أحبارها لتكتب عن ثورات الربيع العربي، إلى تلك العقول الخصبة التي مازالت تحتفظ بنبض أقلامها، إلى كل أكاديميٌ مبدع، إلى كل حر صاحب كلمة مؤثرة، وإلى كل مواطن شريف يعشق شمس الحرية.. آن الأوان لنُسقي أقلامنا حبراً لتنبض الحياة من جديد في قلب كل رمزٍ حر تبنى قضية الأمة، حان وقت الاتحاد الفكري، فاتحادنا جغرافيا وحده لا يمثل وزناً في مقاييس تقدم الأمم، بل ترتفع مقاييسنا بارتقاء أفكارنا وطريقة إدارتها.. اتحاد الأفكار بمختلف عقليات أصحابها وحروفها ولغاتها لتشمل جميع الجوانب اللازمة لصنع نهضة فكرية تمثل الاتحاد الحقيقي للأمة لوضع رؤية واحدة مشتركة تنهض بمجتمعاتنا وأمتنا.. التفرقة و الانفصال الحقيقي يكون في أفكارنا حين تأبى إلا أن تعشق الاستحمام في بحار من دماء الأبرياء بحجة اختلاف الديانات والمذاهب والطائفية، بحجة من يحق له أن يتربع على كرسي العرش ويحكم الأغلبية. .. بحجة المساحات والحدود الجغرافية.. إني لا أكتب في السياسة ولا أشتم أولئك الساسة لكن قلمي صرخ مستغيثا لأن يقوم بدوره في تحرير شعب العبودية و يساهم بإنهاء عهد السلاطين .. إن ما تعاني منه أمتنا ليس فقط عبودية أنظمة طاغية، لكن العبودية الكارثة هي العبودية الذهنية والفكرية التي استباحت أمة بأكملها لتعود بها إلى ما قبل التاريخ. إنها دعوة بل تحريض للقيام بثورة من نوع آخر، ثورة فكرية عظيمة امتداد لتلك الثورات التي قام بها شباب أمتنا وقدموا لأجلها الغالي والنفيس.. ثورة كتلك التي أقامت دولة الإسلام والمسلمين التي دامت إحدى عشرة سنة، فكرية خلاقة دون أن تسال أي قطرة دم ولم يؤذن لها بالجهاد إلا بعد أن تمكنت تلك الثورة من تغيير ذلك الفكر الإنساني الجاهلي والارتقاء به لتقبل ذلك الوحي العظيم عبر كلمات ربانية كريمة، فترة التغيير الحقيقي لأمة بأكملها حتى أن العبادات كلها لم تشرع خلال تلك الفترة باستثناء الصلاة التي كانت ملازمة لفترة التغير والتربية الفكرية. ثورة تكفر بالسلاح الدامي، وتؤمن بسلاح الفكر والقلم، تؤمن بالكلمة الحرة وتقبل الأخر والاعتراف بالخطأ، وتتبنى مبدأ التعايش السلمي بين البشر. المشكلة الحقيقية تكمن في ذلك الانحطاط الفكري المسيطر على السواد الأعظم المصابين بمرض “فكر من نوع خاص” فكر القيادات المتربعة على العرش بحجة أنها أعلمُ من في الأرض وأن الصواب حق مملوك لهم دون غيرهم من البشر فكر العقول المستبدة بأفكارها الرافضة لمبادئ التعايش والسلام، والتي تعشق الصراع وتأبى إلا أن تخالف الآخر فكر الآباء والأمهات الذين تخلوا عن تربية أبنائهم التربية الفكرية اللازمة لمواجهة أي خلل فكري مجتمعي فكر أولئك المؤثرين والوعاظ المتمسكين بأسلوب الترغيب والترهيب حتى ملوا شباب أمتنا من سماع خطبهم وحضور منابرهم. آن الأوان لثورة تنزع الأقنعة ذات الألوان الزاهية التي تخفي القبح والسواد المظلم في باطنها، قناع تلك النخبة الزائفة التي تلهث وراء مغريات الحياة من مال وشهرة، مستخدمة الشأن العام لتحقيق مآربها.. ثورة تحترم الإنسان وتحميه من الهلاك الفكري و النفسي و الجسدي. أكرر دعوتي بل تحريضي إلى كل من ذكرتهم، أما آن الأوان لنقول : كفى للعبودية الذهنية والفكرية، أما آن الأوان لنعلن ثورتنا، ثورة الأقلام الحرة والكلمة المؤثرة والأخلاق الراقية والتربية المتزنة. إلى كل أب وإلى كل أم: امتداد ثورتنا.. بين أيديكم في فلذات أكبادكم لتغرسوا فيهم فكر نهضتنا.. إلى كل معلم ومربي فاضل: امتداد ثورتنا.. بين أيديكم عند أطفالنا وشبابنا الذين نرسلهم كل يوم لينهلوا العلم من خلالكم لترسيخ همتهم في فكر حضارتنا.. إلى كل موظف ومدير وقائد: امتداد ثورتنا.. في الإنصاف والقدوة لدى مرؤوسيكم .. إليك أيها المواطن البسيط: امتداد ثورتنا .. في حفاظك على انحناءة عامل النظافة ليلتقط ما خلفته يداك من دمار للبيئة .. إلى ذاتي أنا: امتداد ثورتنا .. أن نرتقي ونساهم في نهضة أمتنا ونجعل أخلاقنا وفكرنا عنوان مسيرتنا.. [email protected]