في ذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم علينا ان نكون صادقين مع انفسنا ونبحث عن اخلاقه العظيمة، لأننا لوفعلنا لحلت مشاكلنا التي نصنعها بأيدينا وبسبب بعدنا عن الاخلاق الكريمة التي لم يتبقَ منها الا القشور والمظاهر الزائفة «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق » قالها صلى الله عليه وسلم ليوضح ان الدين هو الاخلاق وان التسابق الانساني والايماني يجب ان يكون في مكارم الاخلاق التي تجمع ولاتفرق والتي تحمي الضعفاء والمساكين والتي تقف مع المظلومين ولاترضى بظلم ان يمر على انسان «لأتمم مكارم الأخلاق». هنا يوضح الرسول الكريم حقيقة الاعتراف بفضل السابق وان الانسانية الكريمة اعتراف بالآخر لا طمس له حتى ولو كان هذا هو النبي الذي يوحى له من السماء ...«لاتمم مكارم الاخلاق»، معنى فيه كل التواضع وكل الاعتراف بالتكامل الانساني وبأهمية التراكم الاخلاقي والثقافي.. اساس الحضارة الانسانية هي ثقافة الحرص على التراكمات الانسانية وتطويرها واتمام الحسن منها لا شطبها وسحق صواب الآخر ، «لاتمم مكارم الاخلاق » فيه تأكيد ان الدين والحضارة هي مكارم الاخلاق «فإنما الامم الاخلاق مابقيت ....فإن همُ ذهبت اخلاقهم ذهبوا» ، والاخلاق ليست نسكاً تعبدية ولاشعائر في المحراب ولاقصائد ومدائح بهرجة والعاباً نارية بالملايين، وانما تعامل مع الناس وحرص على المال العام وسلامة الناس وامنهم واختبار للتواضع والكبر والصدق والكذب والخيانة والامانة والرحمة والقسوة، وكل العبادات والشعائر والمناسبات والاحتفالات لاقيمة لها ان لم تثمر اخلاقاً بين الناس وتواضعاً رحيماً يسري بين الخلق «ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر » فما قيمة عبادة لاتنهى عن المنكرات وماقيمة ادعاء بحب الله والنبي والموت فيه شعراً ونثراً وهي تخالف اخلاقه واقعاً ...هذه التناقضات بين القول والعمل هي كارثتنا الحضارية والدينية، نحن نفقد أهم خلق للرسول صلى الله عليه وسلم .. الصدق والامانة، وهما خلقان مجردان يتعامل بهما المؤمن مع البر والفاجر والقريب والبعيد والكافر والمسلم، كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم مع المشركين والمؤمنين على حد سواء .. اصبحنا صورة مشوهة ومن اجل الله والنبي علينا ان لانلوث الطهارة المقدسة في انفسنا الملوثة بالظلم والدم واموال المساكين ، تخرج الرحمة منا مطرودة نطاردها كما نطارد المساكين هنا وهناك وبدليل متعسف من القرآن واقوال الرسول ، لدينا جراءة على الانحراف وارتكاب الجرائم المغلظة ونسبتها الى الله و رسول الاخلاق العظيمة، وبشكل مذهل نعيش في زمن الانفصام النكد في اخلاقنا وندعي اننا اطهر من ماء السماء واعمالنا تلوث البحار والمحيطات، يكفي جرائم الدماء البريئة التي نسبح فيها ليل نهار ،يتمظهر احدنا بعمامة الاسلام والقرب من الرسول ورحمته فيتقلب بين اتباعه رحيماً كرسول الرحمة ليحضر المصورين لتصويره وهو يبكي على بقرة ذبح رضيعها «العجل الصغير» بالحلال لكن رحمته لاتحتمل «خوار» البقرة ولاينسى ان يتنهد وهو يقول «من فجع هذه بولدها» ، لينشر «الاتباع »هذه الصورة الرحيمة المقتدية بالرسول ويحدثوا الركبان عن رحمته ولينه وكراماته ايضاً وفي اليوم التالي يذبح الامهات والآباء والاطفال بمدافعه ودباباته ولاينسى ان يسميها «مدافع الايمان» يشرد ماتبقى من النساء والاطفال بدون مبرر سوى غياب الرحمة والإيمان وحضور الظلم وجبروت القوة والادهى ان تحول هذه الجرائم والانتهاكات إلى بطولات واعمال ايمانية، كم نحن غارقون في الزيف ولم يتبقَ شيء سوى رحمة الله تنزل لتنزع منا كل هذه القسوة والظلم والكفر والخداع.. تخرج الرحمة من القلوب فتخرج معها كل الاخلاق الكريمة وكل الايمان ويهرب الاحسان والإتقان ويفر الجمال والامان لنتحول الى وحوش ضارية خالية من كل ذرة خلق كان يتحلى بها رسول الرحمة والتواضع واصبحنا الشعوب الوحيدة التي تلعب بدماء الناس وحقوقهم لعبة عبثية اشبه بلعبة القمار وانحراف المقامرين وبسم الله والاسلام ونبي الرحمة ....اللهم اننا نبرأ اليك من كل هذه الموبقات التي ترتكب باسمك وباسم نبيك الكريم. [email protected]