عندما تنهش الحُمّى جسد تخشى خطواته الذهاب إلى تلك المجازر الذي يسمّونها «مستشفيات» لا يبقي لي خيار سوى الهذيان أو بمسمّى أكثر اقتراباًَ من توصيف الكتابة في هذه الحالة هو البوح الصادق الذي لا يراعي رقيباً أو مقصّاً. رغم عدم رغبتي في زيارة أي طبيب؛ إلا إني أجد نفسي فجأة في إحدى غرف أقرب مستشفى مستلقية على الفراش أنتظر أحدّهم أن يأتي لأشرح له حالتي فقط من باب أني لازم أتكلّم لأني بقدرة الغصب وجدتني عندهم، فقناعتي المسبقة تستوطن عدم ثقتي بأنهم أطباء أصلاً، وأعلم أني سأشكو له شيئاً وسيكون التشخيص شيئاً آخر، ونتيجة الفحص كالعادة بعيدة عن الأعراض التي أشكوها، أما العلاج الذي سيكتبه فهو قصة أخرى يطول شرحها، ولكن باختصار هو كيس كبير تملؤه أدوية لا دخل لها بما أعانيه؛ أخرج بألم نفسي مضاعف، وأصل إلى البيت بحالة مزرية؛ كلما تناولت حبّة دواء لست واثقة أنها علاجي تزداد حالتي سوءاً، وكلما ضربت إبرة أدوخ بعدها لساعات؛ لأنها أقوى من أعراض أعاني منها، فأشعر أني زرت كائناً يرتدي لباساً أبيض غير مؤهّل حتى أن يكون بيطري حيوانات، يتعامل مع الإنسان وكأنه بلا روح وبلا جسد ربما سيهلكه علاج يكتبه بالغلط «المقصود» كل ما يهمّه أن يبيع لكل مريض نصف صيدلية، وهذا بحد ذاته جريمة إلى جانب جرائمهم في الأخطاء الطبية والتشخيصات الخاطئة التي لا تجد عليها رقيباً سوى ضمائرهم الغائبة، يدرس كم سنة ويتخرج «طبيب عام، يعني بتاع كلّه مسالك بولية ونساء وولادة وباطنية أطفال وأحياناً حتى أمراض نفسية» أقسم بربّي لا شيء يلطف بنا في هذه البلد العشوائي سوى الله تعالى..!!. واللي يقهر بجد هو المستشفيات الخاصة اللي عاملة أسعاراً سياحية وتقدّم خدمات طبية أسوأ من المراكز الطبية الموجودة في القرى والمناطق الريفية، لا وعاد الدكتور يتكلّم من نُخره شايف نفسه لا حد قبله ولا بعده بغروره بحرف الدال اللي مكتوب قبل اسمه بالغلط في بلد كلما يقتل الإنسانية فيها جائز، هو طبعاً لا يعلم أنه إن كان في بلد آخر لن يُسمح له بالمؤهل الذي يحمله والخبرة المعدومة أن يكون حتى صيدلياً؛ ولكن لأنه ليس للمواطن البسيط خيارات متاحة, فلا يملك الترف الكفيل بعلاجه في الخارج، عليه أن يكتفي بتلك المستشفيات التي عنوانها البارز “زورونا تجدوا ما يعيقكم ويرشد عزرائيل إليكم”..!!. بقايا حبر: للمرة الألف أكرّرها: من وجهة نظري أن الاقتناع بوجود المشكلة يعتبر الجزء الأكبر في الحل، لذا البداية تكمن في خطوة بسيطة وإن كانت مستحيلة؛ إلا أنني سأقولها: «إذا مرض وزير الصحة؛ فعليه أن يتّجه إلى أحد المستشفيات في داخل الوطن..!!».