لكل مرحلة زمنية خطابها ووسائلها وأدواتها الإعلامية التي تتواصل بها مع جمهورها المتلقّي في إيصال رسالتها الإعلامية، وأعتقد أن خطابنا الإعلامي في المرحلة الراهنة وخاصة الإعلام الحزبي والخاص لا يرتقي إلى مستوى مواكبة الأحداث التي يمر بها الوطن. اليمن يعيش حالة تحوّل كبير في العديد من الاتجاهات تخطّى من خلاله العديد من العقبات والتحديات، هذا التحوّل لابد أن يواكبه تحوّل جذري في الخطاب الإعلامي؛ بحيث يكون أكثر اتزاناً ورصانة ويعكس الواقع والحلم الذي ينشده اليمنيون. إن مشروع الدولة اليمنية القادمة يتطلّب تجديد مسيرة الخطاب الإعلامي القائم بحيث يكون إعلاماً يعكس هموم وقضايا الشارع ويقدّم معالجة دقيقة وموضوعية للأحداث والقضايا التي يعيشها الوطن دون مبالغة أو شطط. الإعلام في المرحلة القادمة يجب أن يكون خادماً لقضايا وهموم الشعب وليس خادماً لمسؤول أو حزب أو جهة معيّنة، إعلاماًَ موضوعياً يتحرّى الصدق ويلامس الواقع وظروفه؛ يسهم في بناء الوطن ومؤسساته بأسلوب هادئ وتطميني. إنني حينما أتابع وسائلنا الإعلامية الخاصة المقروءة منها والمرئية؛ أصاب بالحزن الشديد للمستوى المتردّي الذي وصلت إليه في خطابها المليء بالشكوك وزعزعة المعنويات وإثارة البلبلة والفتنة داخل المجتمع المليء أصلاً بهذه الأمراض، بحيث أصبح يعكس وبقوة حالة الصراع القائم بين الفرقاء من خلال مضامين إعلامية تؤجّج وتحرّض للأحداث الجارية؛ بل يصل أحياناً إلى نشر دعوات القتل وإراقة الدماء وإحداث الصدام بين أبناء المجتمع، وقد اتخذ هذا الصراع منحى خطيراً؛ حيث لجأ كل فريق إلى محاولة تشويه صورة الآخر وإلصاق كل نقائص الدنيا فيه. إن ما تمارسه بعض وسائل الإعلام من تحريف وتعتيم ولفت للأنظار وتجاهل وتشويه ودس السم بالعسل؛ لا يمت إلى الأخلاق والتشريعات التي يجب أن تلتزم بها هذه الوسائل بصلة، وهي أساليب من شأنها الانحراف بالخطاب الإعلامي السليم الذي يجب أن تلتزم به وسائلنا الإعلامية في المرحلة القادمة. من العيب أن نجد الإعلام العربي والدولي يتابع ويغطّي الفرحة التي عاشها اليمنيون وهم يختمون حوارهم الوطني؛ وأن نشاهد بعض قنواتنا تنقل هذه الأحداث على استحياء وبأسلوب فيه نوع من التشكيك والتضليل، كما تطالعنا بعض الصحف بمنشيتات وعناوين مستفزّة تحرّض على الفتنة وإشعال الخلاف بين اليمنيين من خلال إثارة قضايا وأحداث لم تحدث أصلاً ويُراد بها إشغال الرأي العام وتشويشه والتأثير على تصرُّفاته، وهذا تحدٍّ كبير يجب أن يواجه من خلال تفعيل القوانين والتشريعات الأخلاقية والقيمية التي يجب أن تحكم أداءنا الإعلامي. وهنا أطالب الأخ وزير الإعلام القيام بتشكيل لجنة من الخبراء والمختصين تهتم بتقييم الخطاب والأداء الإعلامي وخاصة في المرحلة القادمة، وتشرف على أداء المؤسسات الإعلامية من صحف وقنوات، وتضع حدّاً لهذه الفوضى التي من شأنها الإضرار بمصالح الوطن وأمنه واستقراره، حتى نحافظ على هذا المنجز العظيم الذي صنعه اليمنيون بعد أن قدّموا تضحيات جسيمة في سبيله.