للثقافة مقوّمات يجب توافرها حتى يكتمل المشهد الثقافي، ودونها لا يمكن الحديث عن أي حراك ثقافي هنا أو هناك، وعندما نتطرّق إلى الحديث عن تعز كعاصمة للثقافة اليمنية؛ يجب ألا نغفل تلك المقوّمات التي تعتبر أسس الفعل الثقافي المستمر، وتعد البوابة الحقيقية لإخراج المشهد الثقافي بصورته المكتملة، فهل هذه المقوّمات موجودة على الواقع، أم أن ما كان موجوداً منها قد اندثر وأصبح أثراً بعد عين كما هو حال المسرح والسينما....إلخ..؟!. كلنا نعلم أن تعز زاخرة بالأدباء والفنانين والمسرحيين والمبدعين على اختلاف أصنافهم، وحتى يتم توظيف هؤلاء في تحريك الجمود الثقافي الذي تشهده تعز؛ لابد من توفير العوامل والمقوّمات المساعدة التي تؤدّي إلى خلق فعل ثقافي مستمر ومتواصل يتلاءم مع طبيعة العاصمة الثقافية وخصوصيتها، بدءاً من إعادة تأهيل المؤسسات الثقافية وإيجاد بُنى تحتية ثقافية جديدة، مروراً بإشراك الأدباء والفنانين والمسرحيين لإدارة الشأن الثقافي في المحافظة، والإيمان أن هؤلاء هم من سيقومون بانتشال الوضع الثقافي من واقعه المأزوم والمترنّح. فما الذي تحقّق منذ أن تم إعلان تعز عاصمة للثقافة اليمنية، هل تغيّر الواقع الثقافي إلى الأفضل ولو حتى قليلاً، هل بدأ أبناء تعز يلمسون نتائج قرار إعلان تعز عاصمة للثقافة اليمنية، وهل انتهت شكوى الفنانين والمثقّفين والمسرحيين والمبدعين، أم زادت وتعاظمت..؟!. أكثر من عام منذ أن تم إعلان تعز عاصمة للثقافة اليمنية، ولايزال الوضع الثقافي العام يلفّه الجمود، ولا توجد أية بوادر لتحريكه وتغيير الواقع القائم حالياً والذي يصفه الكثيرون من المثقفين والأدباء ب«الفوضوي والكارثي»..!!. نعم.. أُعلنت تعز عاصمة للثقافة اليمنية؛ إلا أنه وحتى اللحظة لم يتم عكس هذا القرار على الواقع الثقافي المعيش، ومازال الركود هو سيد الموقف، بل المؤسف حقاً أن تخبو وتأفل الفعاليات الثقافية التي كانت تشهدها تعز في سابق أيامها والمنظمة من قبل عدد من المؤسسات الثقافية والمنظمات المدنية التي تُعنى بالثقافة والأدب ورعاية الإبداع وتنميته. من يتحمّل مسؤولية هذا الركود، وهل كان قرار إعلان تعز عاصمة للثقافة اليمنية مجرد قرار للاستهلاك الإعلامي فقط، أم أنه نابع عن أهمية هذه المحافظة ليس ثقافياً وحسب وإنما سياحي أيضاً..؟!. مرّ أكثر من عام، وخلال هذه المدّة تم إنشاء المكتب التنفيذي للعاصمة الثقافية، وتم وضع برنامج ثقافي شامل؛ إلا أننا لم نرَ من هذا البرنامج شيئاً يُذكر باستثناء مهرجان الفضول الثقافي والسياحي إذا ما اعتبرنا أن هذا المهرجان هو من ضمن البرنامج المُعد بغض النظر عن السلبيات التي رافقت تنظيمه وفعالياته. كان محدّداً أن يتم البدء بتدشين مختلف المناشط المرتبطة بتعز عاصمة للثقافة اليمنية في مارس من العام الماضي؛ إلا أنه تم الاكتفاء بتدشين شعار العاصمة الثقافي، وعاد الجميع إلى النوم، ونسوا ما كانوا يتحدّثون عنه من إعادة تأهيل للمؤسسات الثقافية وتنفيذ البُنى التحتية المطلوبة، وكأن ما كان وما حدث هو أضغاث أحلام وكفى..!!. والسؤال الأخير الذي لابد من طرحه هنا هو: هل هناك بُنى تحية صحيحة وهيئات إدارية تقدّم الفعل الثقافي في المحافظة، وأين وزارة الثقافة من قرار إعلان تعز عاصمة للثقافة اليمنية، وماذا عن رؤاها ومشاريعها، وأين الأدباء والمثقّفون والفنانون من هذا الركود الذي خيّم على عاصمة الثقافة..؟!. يبدو أن تعز ستبقى كذلك اسماً كعاصمة للثقافة اليمنية، ولكن بلا فعل وبلا أي حراك..!!. [email protected]