أهمية التغيير كفعل وثقافة تنبع من أهمية إشاعة مشاعر الحب والمصالحة بين أفراد المجتمع، وإعلاء قيم الخير والعدل والسلام الاجتماعي، وإنهاء الثارات والأحقاد بين الناس، والتوجُّه إلى المستقبل بقلوب نظيفة وعقول متحرّرة من الكراهية والبغضاء. أن يبدأ حوار آخر عقب انتهاء الحوار الموسّع في «موفنبيك» هو الضمانة الحقيقية لتنفيذ مخرجات الحوار، هذا الحوار يجب أن يتأسس على دور النُخبة المثقفة في تهيئة الشارع للوضع الجديد الذي أنتجته آلاف القرارات التوافقية، والوثائق والبيانات. إذ أن تلك المُخرجات لن تجد طريقها إلى التنفيذ والتحوّل إلى مضامين دستورية وقوانين منظمة لحياة اليمنيين مالم يفهم اليمنيون جميعاً أهميتها ويلتفّون حولها ويصوّتون لها ب«نعم» عند إنزالها للاستفتاء الشعبي وحتى لا تتحوّل إلى مجرد حبر على ورق. الالتزام الأدبي للمكوّنات والأحزاب التي شاركت في إعداد وإقرار تلك القرارات والتوقيع على وثائقها يفرض عليها عدم معارضة ما وقّعت عليه وأقرّته؛ بل أن تكون هي القدوة وهي الأداة للدفاع عن تلك القرارات، والتحرُّك بين أوساط قواعدها وأنصارها وفي الأوساط الشعبية لتعبئة الجماهير على أهمية الانطلاق نحو جمهورية اليمن الاتحادية ذات الستة أقاليم، وأن يتخلّى كل طرف عن مشروعه الأحادي ليتفرّغ لدعم المشروع الوطني الكبير لليمن القادم. لسنا بحاجة مجدّداً إلى تشخيص ما سبق تشخيصه، كما أننا لسنا بحاجة إلى تحليل ما سبق تحليله، فقد أنفقنا من الوقت والإمكانيات ما يكفي للتفرغ للبناء والتنمية. المشاريع الصغيرة لم يعد لها مكان في حاضر ومستقبل اليمن؛ لأن العودة مجدّداً من حيث بدأنا لا يخدم شعبنا ولا يخدم تطلُّعات الجيل الجديد في بناء مستقبل مشرق يحقّق لهم العزة والكرامة، ويجعل اليمن قادرة على الالتحاق بركب التطوّر والتقدُّم كغيرها من دول العالم. كثير من الفعاليات والندوات وحلقات النقاش التي بدأت تطرح نفسها على أنها تتم على هامش أو دعماً لتنفيذ مخرجات الحوار؛ وأحياناً لنقد مخرجات الحوار ما هي إلا إضعاف لتلك المخرجات التي تضمّنت في داخلها ضمانات تنفيذها، فهي ليست بحاجة إلى مثل هذه الفعاليات التي كثيراً ما تكون هزيلة وهزلية، ولا ترقى إلى مستوى التحرُّك الشعبي الواسع الذي يتطلبه التنفيذ الجاد لما تم التوافق عليه من قرارات. لذلك على الأحزاب السياسية والأجهزة الإعلامية «قنوات فضائية، إذاعات، صحف، مواقع اليكترونية» سواء التي تملكها الدولة أم الأحزاب والشخصيات السياسية والاجتماعية؛ كل تلك الأجهزة لابد أن يكون خطابها موحّداً فيما يتعلّق بالترويج لتنفيذ نتائج الحوار؛ ما لم سيظل كل يغنّي على ليلاه، بينما الشعب يعيش معاناته ويفقد تدريجياً الأمل بالحوار ونتائجه. [email protected]