من الإجحاف اتهام اللواء علي محسن قائد الفرقة الأولى مدرع “سابقاً” بأنه عسّكر الثورة، فقد كان يوم 21 مارس 2011 فاصلاً وفرقاناً في تاريخ ثورة فبراير، ففي ضحى ذلك اليوم أعلن محسن تأييده لمطالب الثورة الشعبية، وما لبثت إعلانات التأييد تتوالى من قادة الجيش والأمن وعدد من الوزراء والمحافظين والسفراء اليمنيين وكبار رجال الدولة، ومثّل يوماً كئيباً في حياة صالح، الذي كان سبق تأييد “محسن” بإعلان حالة الطوارئ، عقب مجزرة جمعة الكرامة في ال18 من ذات الشهر. وحاول صالح تصفية “محسن” بأي ثمن، أو على الأقل جره وشباب الثورة إلى مربع الحرب، وكان له ما أراد، فقد أدى تخزين الأسلحة في المباني الحكومية المجاورة لمنازل “آل الأحمر” إلى استفزازهم، والدخول في حرب ضروس مع نظام صالح، استمرت قرابة شهرين، وفي تعز حدثت المحرقة المؤلمة لساحة الحرية في 29 مايو 2011، وبعدها بخمسة أيام، حدث ما كان خارج كل التوقعات: انفجار عنيف يضرب صالح وأركان نظامه أثناء صلاة الجمعة في جامع يقع ضمن مقر رئاسة الجمهورية في 3 يونيو 2011، وقُتل عدد كبير من حراسته ومسئوليه، وأصيب صالح وقيادة الصف الأول، ونقلوا إلى مستشفيات السعودية، التي ظل صالح فيها 112 يوماً، لتضع الحرب أوزارها، باستثناء اشتباكات متقطعة في عدد من المحافظات، وكان لشخصية اللواء محسن والترسانة العسكرية التي بيده دور بارز في حسم خط المعركة في عدد من المحافظات، ولولا تأييده لثورة التغيير لكان صالح قد حسمها عسكرياً في أسابيعها الأولى. ومما يجب تذكُّره الآن هو عبارات الثناء لقبيلة “أرحب” التي حاصرت في جبال “الصمع” ثلث قوات الحرس الجمهوري لأشهر طويلة، ومنعتها من دخول صنعاء لاجتياح ساحة التغيير وقوات اللواء محسن ومسلحي الإصلاح وآل الأحمر. مبادرة إنقاذ للجميع من الصعب على السعودية القبول بزعزعة اليمن، ولابد من تسوية سياسية تمنح الرياض مواصلة دعم اليمن عبر مبادرة ساوت بين الجلاد والضحية، ومنحت صالح وأركان نظامه حصانة كانت في حقيقتها رغبة ملحّة لدى كثيرين ممن انضموا إلى الثورة. وفي عشية 23 نوفمبر 2011 وقّع صالح على المبادرة الخليجية في الرياض والتي تضمنت نقل السلطة إلى نائبه هادي، وفي 21 فبراير 2012 أصبح الأخير رئيساً شرعياً منتخباً، وعليه تلبية مطالب ثورة التغيير التي جاءت به، وبدأ بتغيير قائد المنطقة العسكرية الجنوبية اللواء مهدي مقولة المقرب من صالح، لتدخل المحافظات الجنوبية في فلتان أمني غير مسبوق، وتم تسليم معسكرات بأكملها لتنظيم «القاعدة» بحجة أنه استولى عليها، وكان هادي على موعد مع رفض أو تمرد أو فلتان عند كل قرار يصدره، فسلفه صالح حكم البلاد 34 سنة، ولايزال صاحب تأثير وتوجيه في مؤسسات الدولة، لذا أخذ هادي بسياسة “النفس الطويل” وهي سياسة حكيمة في بلد متداخل التعقيد مثل اليمن، غير أن نفس هادي الطويل ولّد تذمر الناس منه، خاصة عند تعامله مع الانتهازيين الذين نشأوا في كنف نظام صالح، وتعاملوا مع الثورة كمعبد للطاهرة الروحية، وأعلنوا التأييد والانضمام، ثم عادوا إلى وظائفهم بذات الفساد والامتيازات، بل إن بعضهم حصل على وظيفة أعلى وفساد أكثر..!!. [email protected]