يفلح بعضاً من الناس في فنون القيادة، حيث يسمون في الأعالي في قيادة ذواتهم، قيادة راقية وعظيمة تقلل من وطأة وحدة اللوم الذاتي المصاحب للفرد عقب مواطن الإخفاق والفشل، الذي طالما يداهم الفرد العاقل الناضج ولا يقتصر عليه إذ يمتد ليشمل أفراد من عامة الناس في مواقف وظروف مختلفة، قد تجبر الفرد على الخلوة بذاته مؤقتاً. فلا تدع المتطفلين وهوام الناس يلقون عليك باللائمة في جميع المواقف، وكن جندياً مجهولاً يرتقي بمكونات شخصيته ويرعاها ويتعهدها بالعناية المفرطة، وحاذر من مناطحة غيرك أو منازعته الزعامة والمجد كون ذلك لا يتأتى بالمناطحة وإنما يوهب تكريماً وإجلالاً من الوسط الذي قد يرتأي فيك القائد المحنك والمخضرم على الإطلاق. فقلل من سلبياتك.. تتعاظم وتتكاثر ايجابياتك، وكن على خلق من التواضع جم ليرفعك الله في الأعالي، وأعلم أن التواضع طريق مختصر لك إلى قلوب الناس، والكبر والإعراض نار تلتهم هشيم نجاحك وإنجازك، وحاذر من المغامرة في غير فائدة، ولا تركن إلى الذين ظلموا فيمسك الله بجمر ظلمهم حسرة وندامة في الدنيا والآخرة، وأعلم أن رصيدك حب الله ورضاه، فشد مأزرك واجتهد في الطاعات. فإن أحبك الله حببك إلى جميع خلقه، وإن رضى عنك فإن ذلك مفتاحاً للخير، ومغلاقاً للشر الذي يمكن أن يداهمك في ظل التفريط في حب الله، والابتعاد عن منهجه القويم، وأحسن إلى والديك أحياءً كانوا أم أمواتاً لأن ذلك من أعظم القربات إلى الله سبحانه وتعالى، فالله يكرمك لأجل والديك فإن ذهبا فاجتهد في الطاعة ليكرمك الله عزوجل لأجلك. فسارع الخطى إلى التحلل من قيد المعصية، وناجي ربك في الخلوات، واذكره قبل الهفوات، ولا تستصغر الخطأ البسيط فإنه لا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار، ولا تتوانى في خدمة وطنك والذود عنه إفشالاً لمشاريع الغدر والخيانة. فإن تقود ذاتك أفضل من الانشغال بقيادة ذوات الآخرين، فلا إفراط ولا تفريط حيث ينبغي التوازن بين القيادتين فلا يمكن أن نصادم سنن ونواميس الله في الكون والإنسان، أفلا ترى الأجرام السماوية والأفلاك والكواكب والنجوم جميعها منظمة في مجموعات فحينما تقود ذاتك يكون الحاضر والمستقبل أجمل، فاجعل من القيادة الذاتية مطية للارتقاء بالجانب الشخصي، كما يجب أن تجعل من قيادة الآخرين طريقاً إلى تحقيق الأحلام وتطلعات المجموع.