المشاكل الكبرى العامة في بلادنا، وفي بلدان أخرى، هي نتاج لمشكلة واحدة رئيسة، هي المشكلة الاقتصادية، ومن العبث محاولة حل المشكلة الأمنية، أو الاجتماعية أو غيرها من المشاكل الأخرى المتعددة بمنأى عن حل المشكلة الاقتصادية أولاً. فهذه المشكلة وحدها، التي تكون سبباً مباشراً، وغير مباشر، وراء كل مشكلة وعلى كل المستويات، سواءً كانت مشكلة أفراد أو جماعات أو شعوب فالسبب يأتي اقتصادياً. وعليه فنحن أمام مشكلة اقتصادية كبرى، وإمكان حلها، لن يأتي بضربة معلم أو بمجرد الأحلام الوردية، والتمني فقط، وإنما قد يأتي زحزحتها، وإيقاف تداعياتها، ولا أقول حلها مائة في المائة، عبر الاستغلال الرشيد للموارد الاقتصادية المتاحة! وتوظيف العائدات من هذه الموارد، لإيجاد استقرار نسبي، لمختلف المكونات الاجتماعية، عبر إيجاد فرص عمل، تكون الأجور لجميع العاملين متوازنة مع الأسعار السائدة، إضافة إلى تشجيع المزارعين والحرفيين وغيرهم بالدعم المادي المنظم وعبر آلية يراعى فيها الكفاءة والنزاهة إلخ. هنا، وإذا ما حصل ذلك، فإن المشكلة الأمنية مثلاً، ستخف ولن تكون بهذه الصورة المخيفة والمريعة، وكذا المشاكل الاجتماعية، هي الأخرى، ستخف، فكلما كانوا أفراد المجتمع مستقرين مادياً، كلما خفت المشاكل، وقلت. ولي أن أشير هنا، إلى الدعوة المطروحة لإيجاد الدولة المدنية. فمن الضروري أن يوجد مجتمع مدني، فمجتمعنا اليمني في أجزاء كبيرة مازال يعيش بالعقلية القبلية والعشائرية والمذهبية في وجهها السلبي. فهذا القبيلي، أو ذاك، لم يتحول إلى المدنية إلا عبر وسيلة واحدة، وهي أن يتعامل مع الآلة، بمعنى أن يتم إنشاء معامل ومصانع، تستوعبهم في العمل، والفرد منهم، حتماً سيتحول تلقائياً إلى مدني. ولن يعود إلى حمل السلاح وما يرافق ذلك من تقطعات ونهب إلى غير ذلك. وختاماً فحل المشكلة الاقتصادية يأتي أولاً وتبعاً لحلها، تحل بقية المشاكل الأخرى.