المتتبّع للخطاب السياسي والإعلامي لبعض الأحزاب والتنظيمات السياسية والمقابلات والأحاديث والتصريحات التلفزيونية والصحفية والكتابات المقالية التي تُنشر في الصحف الورقية والألكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي «الفيس بوك وتويتر» سيجد أنه لم يطرأ أي جديد؛ وكأنه لم يحدث أي توافق أو حوار وطني، فمازال بنفس الحدّة والمستوى الذي كان عليه في العام 2011م وقبل انعقاد مؤتمر الحوار، تشويه للحقائق، تزييف للوقائع، استفزاز، تحريض، إساءات، إذكاء للفتن والصراعات الحزبية والطائفية والمذهبية والمناطقية، إثارة للأحقاد والضغائن، تحريض على الكراهية والعنف والانتقام. وهو ما يؤكد أنه لا توجد لدى البعض نيّة صادقة لمغادرة الماضي وتجاوز ما حدث فيه من مآسٍ وصراعات وخلافات، والانطلاق صوب المستقبل وبناء اليمن الجديد بعقول نيّرة وقلوب نظيفة خالية من الأحقاد والضغائن. من المؤسف أننا مازلنا نقرأ مقالات في الصحف الورقية والإلكترونية لأولئك الكتّاب الذين جعلوا من أقلامهم خناجر مسمومة يثخنون بها جسد الوطن وينكأون جراحاته، وليس ذلك فحسب؛ بل يعملون جاهدين على تزييف التاريخ وقلب الحقائق والوقائع وتشويهها وفق ما يخدم توجهاتهم الحزبية. لله والتاريخ أقول: إنه لولا الحكمة والعقلانية التي تعامل بها الرئيس السابق علي عبدالله صالح مع تداعيات الأزمة السياسية في العام 2011م، ولولا الحكمة والعقلانية التي تعاملت بها قيادات وقواعد المؤتمر الشعبي العام والعميد أحمد علي عبدالله صالح الذي كان قائداً لقوات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة سابقاً المدرّبة على أعلى مستوى والتي تمثّل ثلثي قوام الجيش اليمني وكذلك اللواء ركن طيار محمد صالح الأحمر الذي كان قائداً للطيران والدفاع الجوي والعميد يحيى محمد عبدالله صالح الذي كان رئيساً لأركان حرب قوات الأمن المركزي والعميد طارق الذي كان قائداً للحرس الخاص؛ لولا تعقُّلهم وتعاملهم بحكمة مع التفجير الإرهابي لجامع دار الرئاسة والذي استهدف الرئيس السابق علي عبدالله صالح وكبار قادة الدولة والحكومة والمؤتمر الشعبي العام لكانت العاصمة صنعاء قد تحوّلت يوم الجمعة 3 يونيو 2011م إلى أطلال خلال ساعات؛ ولكن صالح رفض استخدام القوة حفاظاً على وطنه وحقناً لدماء شعبه. وليس صحيحاً ما يطرحه البعض؛ ومنهم الكتّاب والصحافيون الذين سما برحوا يكرّرون في كتاباتهم أن صالح كان يريد حسم المعركة عسكرياً ولكنه لم يستطع بسبب إعلان اللواء علي محسن انشقاقه عن الجيش، وأنه لولا قبائل أرحب الموالين لحزب الإصلاح الذين حاصروا في جبال الصمع ثلث قوات الحرس الجمهوري لأشهر طويلة ومنعوها من دخول صنعاء لاجتياح ساحة التغيير؛ وكذلك لولا قوات اللواء محسن ومسلّحي حزب الإصلاح وآل الأحمر لكان صالح قد اقتحم ساحة التغيير في صنعاء «بحسب الكاتب عارف أبوحاتم في مقاله المنشور في صحيفة "الجمهورية" بتاريخ 27 فبراير الماضي». وليسمح لي الأخ عارف أبوحاتم أن أسأله: هل يعلم أين هو مقر الفرقة الأولى مدرّع في العاصمة صنعاء، وهل يعلم ما هي القوات المتمركزة في جبل نقم وجبل عيبان والصباحة والجبال والتباب المحيطة بصنعاء، وأين معسكر القوات الخاصة وقيادة القوات سالجوية والدفاع الجوي وألوية الصواريخ التي لو كان انطلق منها صاروخ واحد نحو مقر قيادة الفرقة الأولى مدرّع لحوّلته إلى أثر بعد عين..؟!. فمن غير المعقول أن نصدّق أن مجموعة من القبائل المسلّحين في أرحب والمليشيات المسلّحة وأولاد الأحمر حاصروا ثلث قوات الحرس الجمهوري في جبل الصمع ومنعوها من الدخول إلى صنعاء؛ لأن الفرق كبير بين مقاتلين محترفين ولديهم كل أنواع الأسلحة الحديثة المتوسطة والثقيلة والصواريخ يقفون عاجزين أمام مجموعة قبائل مسلّحين بأسلحة خفيفة وسمتوسطة، ومن الغباء أن نصدّق أن ثلث قوات الحرس الجمهوري كانت في جبل الصمع. وأخيراً لله وللتاريخ.. كفى تزييفاً للحقائق والوقائع، كفى نبشاً للجراحات والآلام، كفى إثارة للأحقاد والضغائن، كفى تدميراً للوحدة الوطنية والنسيج الاجتماعي، كفى إثارة للفتن والنعرات الطائفية والمذهبية والقبلية والمناطقية، كفى تدميراً لمقدّرات الوطن والشعب.