ما لاشك فيه هو أن التغيير مطلوب فهذه سنة الله في الخلق حتى يكون هناك تجديد وتحديث لجوانب الحياة وحتى لا تضل على نسق واحد فيصاب البشر بالرتابة والجمود وتتحول الحياة إلى حياة عقيمة تفتقر إلى الحيوية, فالإنسان منذ بدء الخليقة وهو يشهد تغيرات مستمرة على مر العصور فسعى جاهداً بكل الوسائل والطرق للتكيف معها ومعايشة تلك التغييرات والاستفادة منها في حياته , وحقيقة أن العصر الذي نعيشه شهد الكثير من التغيرات والتحولات، تارة إيجابية وتارة سلبية, فهذا العصر يتسم بعصر الثورات والانقلابات، ثورات فكرية وتكنولوجية وانقلابات سياسية تهدد أمن واستقرار الشعوب وتعرقل مسيرة التنمية وتنعكس آثارها سلباً على كافة نواحي الحياة ومجالاتها وأهمها تدني المستوى الاقتصادي للأفراد وتوسع حجم البطالة وانتشار ظاهرة الفقر وما يترتب على ذلك من ارتفاع معدل الجريمة وتدني المستوى الأخلاقي في المجتمع, وهذا يتطلب المزيد من الوعي والعمل على مواجهة هذا الاختلال والثورات غير المنظمة وأثار هذا النوع من التغيير السلبي باتباع منهجية علمية تقود إلى تغير ايجابي يواكب المستجدات. فالتغيير الحقيقي هو التغيير الذي يرتقي بالأمم ويكتسب الصفة الحضارية والذي يسعى إلى التطوير الشامل لكل أبعاد الحياة ومجالاتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والإدارية والأخلاقية والتكنولوجيا..الخ, بهدف إحداث تغييرات جذرية من حال سيء إلى حال أفضل يساعد على تحسين معيشة ورفاه الأفراد ويؤدي في النهاية إلى إحداث تنمية مستدامة للمجتمعات والشعوب, وهذا التغيير يسمى بالتنمية التي تناضل الشعوب الحضارية للوصول إليها وهذا النوع من التغيير يتسم بالتخطيط والتنظيم والتوجيه نحو أهداف معينة ومحددة نحو التقدم والتطور يقوم على أساس استخدام قواعد وأصول البحث العلمي كوسيلة حضارية لتحديد المشاكل ووضع المعالجات والحلول السليمة له بعيداً عن العشوائية والغوغائية التي لا تجلب إلا الفوضى والدمار , حقيقة إن التنمية لأي مجتمع تبدأ بالاهتمام بالتنمية الإدارية وتحسين مستوى الأداء الإداري في أجهزة الدولة وفق استراتيجية واضحة ومدروسة ومحددة الأهداف ومعرفة كاملة بالفرص والتحديات والموارد المتاحة, ودراسة الواقع والبيئة المحلية دراسة موضوعية تساعد على وضع استراتيجية لمجابهة المخاطر والتحديات تقوم على أساس الشراكة المجتمعية والاستفادة من الخبرات المؤهلة وإشراكها في التخطيط وصنع القرار. إن التغيير الحقيقي هو الذي يسعى إلى تنمية الموارد البشرية باعتبار الإنسان هو محور التنمية الذي يجب أن يولى اهتماماً كبيراً لدى صنع القرار السياسيين من خلال وضع الخطط والبرامج التي تسعى إلى تطوير الإنسان فكراً وأداءً وسلوكاً وتنمية القواعد والأعراف الايجابية لتكون دليلاً لتعزيز السلوكيات الصحيحة وتبني اتجاهات إيجابية في المجتمع, وتفعيل القوانين النافذة من أجل حياة أكثر تنظيماً وكما ينبغي الالتفات إلى حاجات الأفراد والسعي إلى إشباعها ومراعاة شعورهم وعواطفهم وانفعالاتهم في أية اجراءت قد تنعكس سلباً على حياتهم, وتكون سبباً في قيام ثورات هدامة لمنجزات الشعوب وتاريخها, فعلى المعنيين تبني سياسات اجتماعية تساعد على الارتقاء بالأفراد وتحسين مستوياتهم المعيشية على أساس العدالة الاجتماعية بما يحقق الرفاهية للجميع, عند ذلك نستطيع القول إن هناك بالفعل تغيير ملموس في المجتمع يقود إلى تنمية مستدامة.