تقليب الكشاكيل والدفاتر القديمة بحثاً عن ذاتك لا يجدي نفعاً، ذلك لأنه يتوجب عليك أن تبحث عن ذاتك في عالم الإنجاز، ذاتك هناك، فاعلم أنك ملزم باجترار مقومات السعادة والحياة الحرة الكريمة، بحيث يزدان ذاتك بعوامل النجاح وأسباب الرقي بعيداً عن التباكي، أو التماهي خلف جدران المستحيل. ابحث عن ذاتك وسوف تجد أنك قريبٌ من أحلامك وأمانيك وذروة تطلعاتك، ولا ترضى العيش بدور هامشي يدعوك إلى حالة من الانطواء الاجتماعي ويغدق عليك بالعطاء في حالة أشبه ما تكون بحالة الاستلاب الثقافي والفكري التي قد تظهرك بمظهر غير لائق.. لا من الناحية الثقافية ولا من الناحية الفكرية إذ يستحسن بك أن تثور على الوضع القائم في سبيل اضطلاعك بدور هام ورئيس في حركة المجتمع المتسارعة والمتلاحقة، صوب إتمام عافية النفس والبدن. ابحث عن ذاتك وتخيل معي حجم الخسائر المترتبة على عزوفك عن هذا البحث والذي غالى في تأخرك، ورصد لك انطباعات لا يؤبه لها في محيطك الاجتماعي والثقافي والسياسي، فأول الغيث قطرة، وإنما السيل اجتماع النقط، فخالط الناس واصبر على أذاهم، لتحوز الخيرية من أولئك الذين لا يخالطون الناس ولا يصبرون على أذاهم، واعرج بروحك إلى فيحاء الكمال الإلهي لتظهر لك علاتك ومحدوديتك في كل شيء أمام الله عز وجل تباركت قدرته. فحينما تبحث عن ذاتك يبدو لك العالم أجمل فالسماء تمطر ماءً لا تمطر ذهباً، فدع الركض خلف حطام الدنيا الفانية، وامتط براق الجد والمثابرة في اعتلاء الدرجات العلى من الجنة عند مليك مقتدر، واحرص على استثمار الوقت فإنه ذاتك، وما أنت إلا مجموعة من الأيام والشهور والسنين فإن ذهب يوم ذهب عمرك، ولا تجزع أو تكترث من المصائب وعاديات الزمن أو الخطوب والمدلهمات فكل شيء بقدر، فليست لك قوة في منازعة ما قد خط في اللوح المحفوظ، فكل ميسرٌ لما خلق له، جفت الأقلام ورفعت المصاحف، فلابد من الاستجمام وتهيئة النفس لأعمال مضنية تستحيل إلى قيد على قدميك لا تستطيع الفكاك منه.