كل يوم تجرح قلوب ويدخل في أعماقها الحزن الكبير ، كل يوم في اليمن الحبيب يدق الحزن الأبواب بفعل الجريمة المنتشرة هنا وهناك ، الأطفال الذين يحرمون الأبوة ، الزوجات اللاتي يترملن ، ويبدو أن رحلة معاناة جديدة مع الحياة ، كفاح من أجل القيام بدور الأب المفقود بفعل الجريمة المنظمة ، الأم الثكلى بولدها ، والذي علقت عليه الآمال ، الأب الذي افتقد ولده الذي كان يحن عليه ربما كل صباح ، رفيق الدراسة الذي افتقده زملاء له هناك في الكلية ، أو جندي في قسم شرطة ، أو نقطة أمنية تسهر من أجل حفظ الأمن ، وبث الاستقرار في هذه المدينة أو تلك ، أناس لا يحملون الرحمة ولا المحبة في قلوبهم يصنعون في قلوبنا الأحزان ، أناس باعوا أنفسهم للشيطان يقتلون أعز الناس إلى قلوبنا ، لا شيء في قلوبهم سوى الحقد والكراهية لرجال الأمن وللمواطن العادي الذي يحدث ان يكون في مكان لتنفيذ خططهم الإجرامية ، يقتلون وببشاعة ، كما فعلوا في مستشفى العرضي العالم بأسره شاهد فظائعهم هناك ، وميدان السبعين ، ومقر قيادة المنطقة الرابعة في عدن ، وكما فعلوها بحق جنود الأمن في حضرموت ، الجريمة مهما كانت دوافعها تظل جريمة ، ما الذي يجنونه من جرائمهم سوى أيتام يتركون بلا آباء ؟ ما الذي يجنونه سوى نشر الأحزان في القلوب ؟ ، يقولون إنهم يدافعون عن الإسلام ، يقولون انهم يريدون تطبيق شريعة الإسلام ، يقولون انهم يحاربون أعداء الإسلام ، ولكننا نرى أنهم يحاولون قتل الشريعة فينا ، يحاولون تشويه الإسلام المعروف بأنه دين الرحمة والمحبة والمودة ، يحاولون إيهام العالم ان الإسلام دين قتل وتفجير وتدمير ، يحاولون كسر الترابط الاجتماعي في بلداننا العربية والإسلامية ، في اليمن كما في ليبيا كما في مصر كما في سوريا ، الهدف واحد نشر الفوضى والخراب والدمار ، بالجريمة يصنعون ذلك ، بالعمليات الانتحارية على بوابات المعسكرات ومديريات الشرطة يفعلون ذلك ، صحيح أنهم ينشرون الأحزان في قلوب الناس الذين يفقدون أهاليهم في أعمالهم الإجرامية ، لكنهم لم يفلحوا بعد ولن يفلحوا في إقناعنا أنهم يهتمون للشريعة أو للشعب ، أقنعونا فقط وزادوا من إيماننا أنهم قاعدة للشر ، وأن أوكارهم هي أوكار للشياطين ، وأنهم يخدمون أكثر أعداء الإسلام والمسلمين ، أقنعونا أن القضاء لم يؤد دوره المطلوب في تنفيذ الشريعة بحقهم باعتبارهم من المفسدين في الأرض، أقنعونا أنهم أعداء الحياة ، أعداء المحبة ، أعداء الترابط الاجتماعي والأسري ، أعداء كل القيم الجميلة التي حث رسولنا الكريم عليها ، القلوب الحزينة تكبر ومعها تكبر الحقيقة إنكم أعداء الدين والوطن والإنسان ، هذه القلوب تدعو رب العالمين أن يقتص منكم على ما فعلتموه وما تفعلوه وما تخططون لفعله بحق المسلمين قبل غيرهم ، بينما أنتم تعملون على تفخيخ حياتنا بالموت سنواصل مشوار حياتنا مؤمنين ان الموت بيده وحده (الله) ، وأننا سنقاوم إرهابكم وإجرامكم بالوعي وبالمعرفة وبالثقافة وبالكلمة الحرة وسيعود الفرح إلى كل بيت أدخلتم فيه الأحزان عندما نراكم تخسرون وينتصر الوطن ، تخسرون وتنتصر قيم الخير ، تخسرون وتتحقق الألفة والمحبة بين أبناء الشعب، أنتم ومن يقف وراؤكم معروفون للشعب لا تظنوا أنكم غير معروفين ، سيأتي الله بقوم من بين هؤلاء الناس يصلحون ما تهدموه أنتم ، ويقتدون بالرسول الكريم (ادع إلى سبيل ربك بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن) ما عساي أقول لكل الأطفال الذين فقدوا آبائهم نتيجة هذا الإرهاب المقنّع تحت شعارات دينية ، ما عساي أقول للآباء للأمهات للأرامل لكل من فقد حبيباً له أو قريباً نتيجة هذه الجرائم الوحشية ، ما عساي أقول للقلوب التي يلفها الحزن ، أو القلوب التي تنتظر الأحزان ، صحيح ان الناس تفقد بعضها أحياناً بحوادث عرضية ، لكن حزنها لا يساوي ذلك الحزن الذي يشعر به من فقد عزيزاً بعملية قتل مقصودة قنص أو تفجير أو اغتيال عبر دراجة نارية ، قتل لمجرد القتل ، استخفاف بروح الإنسان ، استخفاف بحياة مجتمع وأمة ، على قضاتنا ان يطبقوا شرع الله في هذه الجرائم ، فإذا اقتص القضاء من هؤلاء القتلة ، سيمتنع الآخرون عن ممارسة جرائمهم ، سيعلمون ان نهايتهم كتبوها بأيديهم ، سيعلمون ان الشريعة هي من ستحاكمهم وستقتص لكل من قتل ظلماً ، وأعجب العجب هو شعار التوحيد فوق راياتهم السود (لا إله إلا الله ) وهم أكثر البعيدين عن الله ، يقال إن الخليفة الراشد عمر ابن الخطاب حكم على مجموعة من الناس تمالأوا على قتل رجل بالموت قصاصاً ، فاستنكر بعض الناس هذا الحكم ، فقال لهم الخليفة العادل (والله لو تمالأ أهل مدينة على قتل رجل لأخذتهم به ) ونحن في هذا الواقع بحاجة لهذه الأحكام لتكون عبرة لمن يعتبر ، من المعيب أن تصدر الأحكام التخفيفية في مثل هؤلاء المتمرسين في عالم الجريمة ، وأحياناً يتم تبرأة بعضهم عن طريق تدخلات من هذا الشيخ أو تلك الجهة ، أثبتت الكثير من الوقائع أن هؤلاء مجرمون ولا يغيرون من طبائعهم الإجرامية حتى وإن أعلنوا التوبة ، سعيد الشهري مثالاً خرج من السجن على أساس أنه قد ترك نهج القاعدة ولكنه هرب من السعودية والتحق بالتنظيم في اليمن ، ومارس الجريمة ضد أهل اليمن مع المجرمين في هذا التنظيم المعادي للشريعة وللإسلام ، وللحياة بأسرها ، وأمثاله كثيرون ، ممن يصنعون الحزن والوجع والمآسي في القلوب ، يدمرون قيم الإسلام التي أرساها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، يقول (صلى الله عليه وسلم): ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ، أفشوا السلام بينكم .. وهؤلاء يفجروننا بدل السلام، يحيلون جثثنا إلى أشلاء متناثرة في الشوارع، يدمرون حب المسلم لأخيه المسلم، يقتلون براءة الطفولة، من خلال اليتم الذي يصنعونه بها، بأي ذنب يقتل كل هؤلاء المسلمين، ويتم تدمير ما بقي لنا من أمن واستقرار، ما بقي من اقتصاد ما بقي من فرح يطل من هنا أو هناك، إلى متى تستمر رقعة القلوب الحزينة بالتوسع؟ خاتمة شعرية: دعني وجرحي فقد خابت أمانينا هل من زمان يعيد النبض يحيينا يا ساقي الحزن لا تعجب ففي وطني نهر من الحزن يجري في روابينا كم من زمان كئيب الوجه فرقنا واليوم عدنا ونفس الجرح يدمينا جرحي عميق خدعنا في المداوينا لا الجرح يشفى ولا الشكوى تعزينا كأن الدواء سموما في ضمائرنا فكيف جئنا بداء كي يداوينا فاروق جويدة [email protected]