لا تخلو عملية تحويل الدولة اليمنية البسيطة إلى دولة مركّبة اتحادية من مخاطر تفكّك الدولة القائمة واستعصاء الإبقاء عليها في البديل الاتحادي بين ستة أقاليم؛ غير أن هذه المخاطر لا تستدعي رفض التحوّل ولا معارضة خيار الستة أقاليم بقدر ما تستوجب تحصين عملية إعادة بناء الدولة اليمنية على أساس اتحادي من مخاطر التفكُّك والانهيار. تبدأ مواجهة هذه المخاطر من وعي الواقع الوطني فيما يخص غياب الدولة وتغييبها؛ وذلك يعني بناء الدولة المركزية قبل الذهاب إلى أساسها الاتحادي في الأقاليم تقسيماً وتنظيماً، وبعبارة أخرى البدء في بناء مؤسسات السلطة المركزية الممثّلة لوحدة الدولة قبل الانتقال إلى شكلها الاتحادي منقسماً بين ستة أقاليم؛ حتى لا تتوافر الظروف المناسبة والقائمة بغياب الدولة لتفكّك الدولة اليمنية إلى كيانات مستقلّة في حدود الأقاليم المقترحة أو خلافاً لهذه الحدود. بعض هذه المخاطر يأتي من أخطاء محتملة في عملية الترويج للأقاليم الاتحادية المقترحة والتي يتحدّث بعض الساسة عن بدئها مطلع الشهر القادم, ومن هذه الأخطاء تجاوز الإطار الدستوري القائم, ومحاولة الخروج بواقعه الراهن إلى إطار دستوري لم يخرج بعد إلى مجال الشرعية الدستورية المنشودة, وهذا التجاوز قد يحمل أو يفضي إلى نزعات انعزالية في الأقاليم المقترحة تتجه بكل إقليم إلى اختلاق هويّته الخاصة بدافع تميُّزه كإقليم؛ ولكن بما يناقض الهويّة الوطنية لليمن الموحّد في دولة اتحادية. وربما تكون محدودية التمويل أهم مصادر التفكُّك المحتمل للدولة اليمنية الحالية إذا ذهب اليمنيون إلى الأقاليم بغير وعي متسلّح بالتخطيط العلمي ومنضبط بالقدرات المتاحة للتنفيذ؛ وهو ما يؤدّي إلى انفراط العقد الناظم للصلة بين المركز والأقاليم في سياق فوضى قد لا تتوقف عند استقلالية الإقليم وإنما سوف تمتد إلى كل الدولة بالتفكُّك والانهيار. ومن هذه المخاطر ما يأتي من غياب التكامل بين الأقاليم المقترحة, والاختلال الكبير بين موارد الأقاليم وحجم السكان, أو السمات المميّزة لبعض الأقاليم بطابع مذهبي أو جغرافي قد يستدعي التاريخ للانتصار على اللحظة الراهنة بموروث حاضن للعصبيات ومشجّع للنزعات الانعزالية جهوياً وفئوياً وربما حزبياً, وهو ما يدفعنا إلى القول إجمالاً إن التحوُّل إلى دولة اتحادية يمثّل تحوّلاً نوعياً مفتوحاً على إيجابية وعوده وعلى سلبية مخاطره المحتملة, والفصل في ذلك للوعي والإدراك. [email protected]