ربما لا أتذكّر من دراسة النحو في مرحلة الليسانس سوى الموضوعات التي درّسني إياها الدكتور المبدع عبدالملك عبدالوهاب الحسامي، لم يكن يدرّسنا كبعض الأساتذة "أداء واجب وانتهى الأمر" كان يدرّسنا بحب وشغف، يحتضن الكتاب كما يحتضن فلذة كبده، ويعطينا كل ما لديه. ذلك الأستاذ الذي لا يعرفه أحد إلا وحدّثك عن نُبل أخلاقه وغزير علمه وشدّة تواضعه، ذلك الذي ينحني إلى الأرض تواضعاً كالسنبلة الممتلئة بالحبوب والخير، إنه العالم المتواضع والأستاذ الجليل انتقل في عام 2002م للتدريس في جامعة الإمارات العربية المتحدة، كلية العلوم الإنسانية قسم اللغة العربية مدينة العين، وظل هناك اثني عشرة عاماً يدرّس طلاب الإمارات، وكان مقرّراً أن يعود إلى وظيفته في جامعة تعز بنهاية الفصل الدراسي الحالي؛ لكن تفاجأت أسرته بتاريخ 26 /2/ 2014م بتلقّي اتصال من شخص قال إنه من قسم التحرّيات في العين الساعة الثامنة فذهب إليهم، وبعد نصف ساعة تقريباً عاد الدكتور برفقة شرطة التحريّات كما ادّعوا ليقتحموا المنزل ويفتشوه، وأخذوا جهازين محمولين لأولاده، ثم طلبوا من أسرته توديعه، وقالوا لهم سيستجوبونه وسيعيدونه بعد ساعتين. وعندما سألوا أولئك المدّعين أنهم من الشرطة: ما تهمته..؟! لم يجيبوا عن السؤال، وعندما لم يعد؛ ذهبت الأسرة إلى قسم التحرّيات للسؤال عن الدكتور، فقالوا لهم: إنه ليس لديهم وقد يكون بجهاز أمن الدولة في أبوظبي، مع أن الدكتور لا علاقة له بالسياسة، وليس لديه أي نشاط سياسي من قريب أو بعيد لا مع السلطة أو المعارضة، وليس له علاقات بطلاب إماراتيين أو يمنيين خارج نطاق الدرس العلمي. ومنذ الأسبوع الأول قامت الأسرة بإبلاغ السفارة اليمنية في أبوظبي التي بدورها قامت برفع مذكّرة إلى وزارة الخارجية الإماراتية تستفسر فيه عن الحسامي وما إذا كان محتجزاً، إلا أن وزارة الخارجية الإمارتية قامت بالرد؛ تقول إنه بعد استفسارهم الجهات المختصة في الدولة تم إبلاغهم أن الدكتور لم يتم احتجازه وليس لديهم معلومات عنه. الدكتور الحسامي ليس الأول الذي يختفى في الإمارات ولن يكون الأخير مادام الإنسان اليمني غير مصان بمسؤولي دولة يدافعون عنه خارج بلده ويثورون لكرامة مواطني اليمن ولعلم اليمن المرفوع على سفارات الدول. يا سفارة اليمن في الإمارات؛ ألستم من يمثّل اليمن في الإمارات الشقيقة..؟! نريد أن نعرف لماذا يتم احتجاز اليمنيين هناك من غير تهمة موجّهة إليهم، وما دوركم في الدفاع عن المواطن اليمني في غُربته..؟!. اليمنيون يغتربون بحثاً عن الرزق لتحسين أوضاعهم، ولم يذهبوا لممارسة سياسة أو لقيادة معارضة، وأقل ما يمكن أن تقدّمه الدولة من خلال دور السفارة ووزارة الخارجية هو أن تصون كرامة اليمني، على الأقل أن يكون لها كلمة مسموعة وحق الدفاع عن مواطنيها إن تم احتجازهم لأي سبب، اليمنيون لم يذهبوا للتسوّل، بل ذهبوا وهم حملة شهادات وعقول مبدعة؛ فماذا أنتِ صانعة أيتها السفارة اليمنية في الإمارات..؟!. أسرة الدكتور عبدالملك عبدالوهاب الحسامي تطالب بالبحث والافراج عنه، ونحن هنا طلابه وذووه في اليمن وكل من يعرفه نطالب السفارة اليمنية في الإمارات بمتابعة قضيته وقضية كل اليمنيين، وإشعارنا أن للإنسان اليمني مسؤولين يمثّلون اليمن ويدافعون عن مواطنيها في كل الأحوال.