الحديث عن حوار أو هدنة مع تنظيم القاعدة هو عمل إرهابي لا غير، حتى وإن لم يكن في هذا الظرف. والترويج لهذه الفكرة إعلامياً يضع كل المفارعين والاعلاميين المتدخلين في دائرة المطلوبين للعدالة، أو الفارين منها. أيضاً فهو يكشف عن زواج لوجستي بين الأقلام الصفراء والقاعدة فالدعوة إلى الحوار أو الهدنة ليست هي مجرد مبادرات شخصية لفاعلي خير بل تنفيذ بايعاز من التنظيم، بعد أن وجد نفسه على الرمق الأخير ،في حرب لم يتخيل أنها ستكون جادة إلى هذا الحد. لا هدنة ولا حوار وإن بقي باب التوبة وتسليم الإرهابيين أنفسهم للدولة مفتوحاً فلن يلجه إرهابي حتى يلج الجمل خرم الإبرة والسبب واضح لأن المعركة فكرية قبل أن تكون عسكرية. نحتاج أولاً وأخيراً لخوض معركة إقناع وغسيل مخ لهؤلاء الذين يرون أنفسهم الوكلاء الوحيدون لله في أرضه والناطقون الرسميون باسم الإسلام ..نريد أن نقول لهم إن من يقاتلونهم هم إخوانهم اليمنيون وليسوا الصليبيين أو الأمريكان أو اليهود.. ومهما فتحت الدولة باباً لتوبة القاعديين فسيظل شاغراً ،ذلك لأنهم يعتقدون -ولامجال هنا للتفاوض – أن باب الجنة الرئيسي مفتاحه بأيديهم، ولن يدخله أحد غيرهم إلا بتزكية منهم. لك أن تتخيل جماعة ضالة تقاتل وتسفك دماء الأبرياء مهراً لحور العين التي يرى بياض مخ ساقها من بُعد مليون كيلومتر ولو أطلت إحداهن بأصبعها لأضاءت الدنيا ما بين المشرق والمغرب. إنهم يقاتلون لدفع تكاليف أكبر عرس جماعي في تاريخ الآخرة. هم فيه فرسان أحلام الكواعب الأتراب من الحور العين ،من وجهة نظرهم. من هذا الجانب يبدو خيار الحسم ضرورة ،والأحوط سد باب التوبة .فبقاء ثلة من تنظيم الضلال الإرهابي سواء كانوا مستسلمين أو أسرى سيكبد الدولة موازنة قرن من الزمن في إعادة تأهيل هذه العقول المفيرسة. هذه الأفكار الضالة والضارة.. ترى كم ستحتاج اليمن لغسلها من صابون ومزيلات البقع وماء ومكانس وعمال نظافة؟