في الوقت الذي تشهد فيه الجبهة الداخلية – وعلى مختلف المستويات – اصطفافاً وطنياً غير مسبوق لدعم جهود القيادة السياسية ومؤسستي الدفاع والأمن لاجتثاث عصابة الإرهاب من بعض مناطق الوطن الحبيب.. في هذا الوقت و مع الأسف الشديد نجد بعض النخب الفكرية والدينية وعدداً من المكونات الحزبية تقف موقف المتفرج من إرهاصات هذه اللحظة التاريخية الفاصلة بين الحق والباطل.. بين دعاة الانغلاق والظلامية وبين توق اليمنيين للحاق بركب العصر. في حقيقة الأمر، إن هذا الموقف السلبي من قبل هذه النخب الدينية والحزبية في تحديد موقفها الواضح تجاه معترك الوجود الحضاري مع هذه العصابات التدميرية يترك ظلالاً من الشك والريبة في صدقية هذا الخطاب الذي ظلت هذه القوى تتشدق به ردحاً من الزمن، خاصة وهي تشير إلى مخاطر مخططات تنظيم القاعدة الإرهابي على حاضر ومستقبل الوطن وعلى سلامة خيارات التوافق التي ارتضاها اليمنيون جميعاً من خلال مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الذي مثل بصيص أمل لاستئناف دورة الحياة الاعتيادية دون تعقيدات أو تحديات, الأمر الذي يثير تساؤلات الناس عن تناقضية هذه المواقف عندما يلوذ هؤلاء بالصمت المريب تجاه استفحال ظواهر عصابات الارهاب واتساع رقعة عملياتها العدائية. وليس ثمة ما يفسر هذا التخاذل الذي يصل حد التدليس إلاَ في كونه تعرية حقيقية لرموز هذه النخب الدينية والحزبية أمام أبناء الوطن الذين تقاطروا جميعاً في دعم و تأييد هذا الموقف الرسمي لمجابهة بؤر الإرهاب و انخراطهم – عملياً – في مجموعات لدعم جهود المؤسستين الدفاعية والأمنية لتطهير مناطقهم من شرور تلك العصابات التي تهدد وحدة وتماسك الوطن وتلقي بتبعات إضافية على أمن المنطقة والعالم وذلك بالنظر إلى موقع اليمن الجيو– ستراتيجي الذي يطل على البحرين العربي والأحمر وأهم مضايق تدفق النفط من الخليج وإلى اوروبا وأمريكا. ودون شك بأن المواطن اللبيب يعرف – كذلك الحسابات الضيقة التي تتدثر بها هذه النخب الدينية والحزبية في تبرير صمتها المريب تجاه الرد على الإرهاب والجهود الوطنية لاستئصاله، حيث بات واضحاً أن فريقاً من هذه النخب قد أستمرأ التمترس خلف مناطق الظلال الداكنة التي تتيح له قدراً من الحركة والمراوغة التي تتشابه فيها الألوان و المواقف وفقاً لحسابات سياسية تكتيكية في إطار سعيها الحثيث للحصول على أكبر غنيمة في مرحلة ما بعد الفترة الانتقالية. أما الفريق الآخر الذي تمثله بعض الرموز الدينية فيمكن اعتباره جزءاً من منظومة الفوضى الهدامة التي تبيح استخدام العنف والإرهاب، خاصة و أن بعض هذه القيادات الدينية لها ملفات سابقة وخطيرة في دعم هذا المنطق الفوضوي، بل وسعت إلى تهيئة المناخ العقيدي لتبريره .. وتحت يافطات ما أنزل الله بها من سلطان ! ويبقى التساؤل الملح والمهم فيما إذا كانت هذه القوى والرموز تدرك خطورة ما تقترفه عصابات الإرهاب من جرائم بشعة في حق الوطن والمواطن؟ وعما إذا كانت هذه القوى ستنحاز إلى إرادة أبناء الوطن اليمني في الخروج من أسر هذه النزعات الأنانية والتسلطية.. أم أن هذا سيبقى ديدنها ؟!