تراكمت السلبيات والاختلالات التي باتت تشكّل عبئاً وربما علّة على الشخصية اليمنية حتى أوشكت أن تتحوّل إلى رفض للذات من الداخل، ولعله الشعور بالذنب والتقصير ناحية الوطن ما جعل الكثيرين من اليمنيين يمجّدون الآخر على حساب أنفسهم ليختزلوا مسافة فارقة من المعاناة الحياتية التي جعلتهم يتضاءلون أمام ذاتيتهم. إن هذا الشعور الذي تحوّل مع الأيام عند البعض إلى خيبة أمل؛ لا يمر به اليمنيون فقط؛ إذ تعانيه الكثير من الشعوب العربية والإسلامية، وأحياناً بعض الشعوب المتقدّمة رغم تقدّمها، غير أن الشعوب التي تمتلك حضارة وعمقاً هي التي تنهض من جديد ولا تستسلم مهما تراجعت بفعل أعاصير التآمر أو كوارث الطبيعة. إن الشعب اليمني شعب حضاري ويمتلك من مقوّمات الانطلاق مجدّداً ما يكفي لاستعاده أمجاده وحضارته، قادر على اقتلاع تلك المعاناة من جذورها لتأسيس يمن جديد مزدهر مفعم بالسعادة؛ فهو البلد المعروف على مر التاريخ ب«اليمن السعيد». لا يمكن أن يستسلم اليمنيون واليمنيات لنظرة تقييم ذاتيتهم من قبل البعض منهم من زاوية ما مرّت به اليمن خلال السنوات الأخيرة من معاناة؛ فهي فترة طوارئ ويمكن أن نعتبرها استراحة محارب لابد أن ينطلق بعدها ليستأنف رحلته في تشييد اليمن الجديد. يجب التخلُّص فوراً من السوداوية والظلام والنظّارات السوداء التي يرتديها البعض والتي توشك أن تصادر مشاعر الأمل والسعادة في ما هو قادم، تلك المشاعر التي تستغلّها القوى الظلامية المتخلّفة في نشر ثقافة الحقد والكراهية، وإلهاب النزعات المذهبية والمناطقية والعرقية لتصنع لها ثغرات تستمر من خلالها في امتصاص دماء ومقدّرات الشعب والوطن. إن إحياء ثقافة التعايش والمشاركة والفريق الواحد في سلوك شعبنا هو الكفيل بالانتصار على القوى المعادية لهذا الشعب، وهو الطريق الآمن والمختصر والمفيد للخروج باليمن من عنق الزجاجة والتغلُّب على الموروثات والمظاهر السلبية الدخيلة على قيمنا ومجتمعنا والتي ما فتئت تتآمر لبث سموم التشاؤم لتدمّر ما تبقّى من ثقة بالذات. إن واجبنا جميعاً هو توسيع دائرة الوعي بأهمية نشر ثقافة التفاؤل، وعدم الاستسلام لثقافة رفض الذات وتمجيد الآخر مهما كانت الظروف التي تمر بها اليمن؛ لأنها ظروف طارئة واستثنائية ولا يمكن أن تكون جُزءاً من قيم شعب معروف بحضارته وأمجاده وأصالته عبر التاريخ، فالمجد لليمن. [email protected]