اكتشاف العبوة الناسفة التي زُرعت في معسكر الشرطة العسكرية بصنعاء وإبطال مفعولها قبل أن تحصد أرواح عشرات الأفراد والضباط الذين كانوا يتوافدون إلى ميَز الطعام لتناول وجبة الغداء عملية ناجحة لقيت ارتياحاً شعبياً واسعاً وأعادت الأمل إلى النفوس في إمكانية أن تمثّل هذه الخطوة مفتتحاً ونقطة تحوّل هامة تستعيد معها المؤسسة الدفاعية والأمنية القدرة التي أفسدها الدهر في اختراق الخلايا المعادية ومنع الجريمة قبل وقوعها وهو طموح نتمنى أن لا يتأخر كثيراً حتى لا تظل أفواه المقابر في حالة استنفار قصوى لاستقبال المزيد والمزيد من المواكب الجنائزية المهيبة لشهداء الواجب من الجيش والشرطة.. غير أن ما يجب معرفته في هذا الصدد هو أن تحقيق حلم العودة المظفرة إلى أحضان الأمن والاستقرار الدافئة مرهون بمدى ما يحمله الجنرالات من مصداقية لنفض غبار الماضي والشروع على وجه السرعة في العمل على مشروع ترميم الشقوق والتصدعات التي زُرعت بعناية في الكيان العسكري وسد الثقوب والمنافذ التي ضربت بإحكام في سياجه الأمني وجعلته صيداً سهلاً لكل مغامر ومقامر ومبتز إن استهداف الشرطة العسكرية بعبوة ناسفة في عقر دارها تطوّر لافت في أدوات وطرائق الموت المستخدمة إرهابياً في الهجمات الدامية الممنهجة ضد الجنود وأخطر ما في العملية الفاشلة هو أنها توسمت نقل المعركة والمواجهات التي ينفذها الجيش من الفيافي والقفار والآكام إلى داخل المعسكرات نفسها لكن إفشال المحاولة الخبيثة منجز عظيم وعمل جبّار نسف مخططاً خطيراً جداً هدف إلى إحداث عاهة مستديمة أو آنية في مراكز وغرف عمليات التحكّم الرئيسية التي تدير معارك وتحركات الجيش بغية إلغاء دور القوات المسلحة والأمن ووضعه على الرف حتى إشعار آخر . لقد تأكد لقوى الشر وبما لا يدع مجالاً للشك أن العمليات البطولية التي يخوضها الجيش ليست خطراً يتهدد القاعدة فحسب بقدر ما تبعث رسالة مكتوبة بالخط الأحمر لمختلف الفصائل والتيارات السياسية والمذهبية والمناطقة المسلّحة كونها تدرك أنها شريك أساسي في الخصائص الإرهابية والتدميرية التي يظن الكثيرون أنها حكر على القاعدة، وبما أن طبيعة من يتصف بهذه الصفات لا تخول له ممارسة مناشطه إلا في كنف من الفوضى العارمة فقد نشأ بين هؤلاء الفرقاء ظاهرياً لعلة الخطر المشترك وواحدية الهدف وإن تعددت الوسائل في تحقيقه نوع من التحالف الوثيق وتبادل الأدوار لتكريس الواقع الفوضوي وإعطائه قابلية أوسع للتكاثر والتمدّد والتجذّر ومعلوم أن ذلك لن يتم سوى بإزاحة مظلة الدولة وتعطيل حاكمية النظام وترجمة لبنود هذا التحالف غير المرئي لا غرابة في أن نرى ونلحظ التشابه الكبير حد التماثل في العدوانية التي يكنّها كلٌّ من القاعدة من جهة والحوثيون من جهة تجاه ما هو عسكري وأمنى والهجمات القاعدية على النقاط والمواقع الأمنية والعسكرية هي في الشكل والمضمون أسلوب وطريقة حوثية بامتياز كما أن الجيش إذا أعلن حرباً مفتوحة على القاعدة في مناطق جنوبية إلا ويبدأ الحوثة بتحرشات استفزازية مع تجمعات ونقاط للجيش في شمال الشمال يتبعها فتح جبهات مسلحة وحرب عصابات بغرض التخفيف على القاعدة من ضربات الجيش الموجعة كما أن استماتة ميليشيات أنصار الله في منع مغادرة أحد الألوية المرابطة في صعدة لتعزيز جبهة البيضاء ومحاصرة فلول أنصار الشريعة مظهر من مظاهر التحالف المشبوه بين الطرفين، أما ما يتصل بحقيقة العثور على شعار الصرخة الحوثية على جسم عبوة الشرطة العسكرية فقد تكون عملية مفبركة ولا تثبت تورّط أصابع السيد في العملية لعدم كفاية الأدلة لكن ما يجري على الأرض يشي بتماثل إن لم نقل تماهٍ بين الحوثي بجلبابه السلالى الضيق وإزار أمير تنظيم القاعدة في جزيرة العرب القصير والفارق البسيط هو أن الأمير يظن إنه جاء من أجل الدين فيما السيد يدّعي أن الدين جاء من أجله!.