شهر رمضان في فلسفتنا الإسلامية مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمغفرة والرحمة والإكثار من أعمال الخير ومزيد من التكافل الاجتماعي ذلك أن هذا الشهر الفضيل له قيمة عظيمة في قلوب المسلمين فهو الشهر الذي أُنزل فيه القرآن هدىً للناس, وفيه الثواب مضاعف, وحدثت فيه انتصارات عظيمة للمسلمين قديماً وحديثاً. إلا أن فينا ومعنا وبيننا من لم يجعل من رمضان الماضي منطلقاً لتغيير النفس وتزكيتها وتطوير العقل وتنميته فعاث فساداً في الوطن وزرع الخوف في قلوب الناس وظن أن ماله وسلطانه مانعاه من عقاب الله وحسابه، قلوب قاسية, ونفوس فقدت أناقتها وجمالها. وأقبل رمضان الجديد لتتجدّد الفرصة للجميع, للفاسد أن يصلح ما بينه وبين الله وما بينه وبين الناس, وللصالح أن يسعى لمزيد من الصلاح ومزيد من الخير، للناجح أن يشكر الله على توفيقه، وللفاشل أن يبحث عن مكامن فشله ويبتهل إلى الله بالدعاء لينير له الطريق ويشرح صدره للخير. في رمضان نقرأ القرآن كثيراً ونتسابق على الكم مع إهمال الكيف والله لا يريد منا هذا فربنا سبحانه لم ينزل القرآن لنقرأه فقط وإنما لنتخذ تعاليمه منهجاً وطريقة حياة فقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم كما وصفته عائشة: قرآناً يمشي على الأرض. ونحن نقرأ القرآن سنجد آية (لا يسخر قوم من قوم) تأمرنا بالتخلّص من رواسب الجاهلية والتعظم بالآباء وتأمرنا بالكف عن السخرية بالآخرين وسنجد آية (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) تدلنا على الميزان الصحيح، ميزان الله لا ميزان الجهل والعصبية لتجعلنا سواسية ميزان التفاضل بيننا التقوى فقط والتقوى ليست صلاة وصيام فحسب وإنما عمل وجد واجتهاد ورحمة وحب، وسنجد آية (اعدلوا) تأمرنا وتحثنا على العدل مع جميع الناس القريب والبعيد المسلم والكافر. ونحن نقرأ القرآن سنجد آيات تأمر بالصدق والعدل والحب والرحمة والتسامح والتعاون وآيات تنهى عن البغض والظلم والعصبية والتخريب والقتل بغير حق والتآمر والكذب، كتابٌ أُحكمت آياته.. هذا هو رمضان فرصة للعبادة وتكفير الذنوب وكسب الحسنات وفرصة للتغيير والرقي والله يفرح بتوبة عبده وعودته والله يحب المؤمن القوي بإيمانه واجتهاده وبذله أكثر من حبه للمؤمن الضعيف المتكاسل المتهاون (والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً). [email protected]