يقترب اليمنيون يوماً بعد آخر من استكمال ملامح دولتهم القادمة، ومع كل يوماً يتفائل فيه اليمنيون بخروج اليمن من عنق الزجاجة إلى بر الأمان, وبناء وطن يتسع للجميع ويشارك فيه كل اليمنيين بناءً على عملية ديمقراطية تكون خياراً استراتيجياً لكافة أبناء الوطن الواحد , مع كل يوم من التفاؤل يصنع المتمردون الحوثيون ألف لغم من التشائم تكون حصيلتها تفجير المساجد ونسف بيوت المعارضين واستباحة أموال الآمنين, في صورة لم تتكرر في التاريخ حتى في الصراع العربي الصهيوني. يعرف الجميع أن أطماع المتمرد الحوثي واضحة جداً هو استعباد الناس وعودة اليمنيين إلى مربع تقبيل الركب ودفع الخمس وعودة الإمامة بعد غياب دام أكثر من نصف قرن, واقتياد أبناء مشائخ القبائل إلى السجون مجدداً كرهائن تضمن لهم طاعة القبائل وانقيادها ذليلة خاضعة لأوامر المرجع الأعلى في كهوف مران، وبالتالي حصر الحكم والولاية في فئة من الناس دون أخرى, وإيجاد تمايزات طبقية داخل الفئة الواحدة. هذا ما يدركه اليمنيون جيداً، لكن ما لا يدركه المتمرد الحوثي واتباعه الذي تمردوا على كل الاتفاقيات المحلية وتحدوا كل الوساطات الدولية ورموا بمخرجات الحوار عرض الحائط , ان الشعب اليمني لن يرضى بان يكون عبداً خاضعاً , ومثلما انتفض آباؤه على الأئمة في ستينيات القرن الماضي سينتفضون اليوم لمواجهة النازية الجديدة , ما لا يدركه المتمرد الحوثي وجماعته الخارجة عن النظام والقانون أن اليمنيين أكثر شعوب العالم غيرة على أعراضهم ولن يصغوا في يوماً من الأيام لفتوى المتعة ولو نزل بها جبريل في وضح النهار, وما لا يدركه المتمردون الحوثيون أن أبناء الثوار الذين خاضوا معارك الثورة السبتمبرية وما تلاها من حروب الدفاع عن الجمهورية لن يكونوا أتباعاً لمشروع طائفي يستمد أوامره العليا من مرجعيات طهران .. صحيح قد ينخدع الحوثيون ببعض الأشخاص الذين خانوا تضحيات آبائهم بحثاً عن المال وتخلوا عن القيم في سوق النخاسة الطائفي , ولكن مثل تلك تصرفات لا تدوم طويلاً. ما لا يدركه المتمردون الحوثيون أن خططهم باتت مكشوفة، فهم ليسوا عدواً لحزب دون آخر فحسب وليسوا عدواً لطائفة دون أخرى، بل هم أعداء لكافة أبناء الوطن, أعداء للاستقرار السياسي, وأعداء للتعايش السلمي، وأعداء للتقارب المذهبي وأعداء للسلمية التي لن تدوم طويلاً اذا ما أصر الحوثي على مواصلة مراهقته القتالية , فهم من نسفوا منازل الشيخ صغير في صعدة وهو ينتمي إلى المؤتمر الشعبي العام , وفجروا محلات تابعة لشخصيات محسوبة على حزب الإصلاح, وهدموا دار الحديث بدماج وهو مؤسسة تعليمية للسلفيين , وقتلوا أتباع العلامة الجليل عبدالعظيم الحوثي وهو أحد أقطاب ومنظري الفكر الزيدي المعتدل, وأقدموا على قتل المئات من أبطال القوات المسلحة وهم أبعد ما يكونون عن الأحزاب، واستهدفوا مؤسسات الدولة في عمران وصعدة، واستعبدوا المواطنين في صعدة من خلال دفع الخمس وتجنيدهم بالقوة للقتال مع ميليشات الحوثي المتمردة. لقد أدرك اليمنيون أن المتمرد الحوثي عدو للوطن بكل فئاته وتوجهاته ومذاهبه، مثلما يدركون جيداً أن الصديق الوحيد الذي لا يريد الحوثي أن يغضبه هي الولاياتالمتحدةالأمريكية باستثناء بعض الشعارات الكاذبة، ففي شهر رمضان المبارك يقاتل المتردون الحوثيون أبناء الجيش في عمران ويتبادلون المعلومات الاستخباراتيه مع القوات الأمريكية في العراق من خلال كتائب الحسين التي تم إرسالها للقتال بجانب قوات المالكي. من المؤسف أن يكون للمتمرد الحوثي وأتباعه وقود لمعركة تقودها قوى يسرها أن يظل اليمن رهين الانفلات الأمني والحروب الداخلية، ومن المؤسف أيضاً أن يظل أبناء صعدة وجزء كبير من أبناء عمران تحت الوصاية الحوثية تحت سمع وبصر الدولة التي لم تحرك ساكناً.