الإصلاحيين يسرقون جنازة الشيخ "حسن كيليش" التي حضرها أردوغان وينسبوها للزنداني    الثالثة خلال ساعات.. عملية عسكرية للحوثيين في البحر الأحمر وتدمير طائرة    اشهر الجامعات الأوربية تستعين بخبرات بروفسيور يمني متخصص في مجال الأمن المعلوماتي    الإطاحة بشاب أطلق النار على مسؤول أمني في تعز وقاوم السلطات    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    رئيس الاتحاد الدولي للسباحة يهنئ الخليفي بمناسبه انتخابه رئيسًا للاتحاد العربي    الوجع كبير.. وزير يمني يكشف سبب تجاهل مليشيا الحوثي وفاة الشيخ الزنداني رغم تعزيتها في رحيل شخصيات أخرى    حقيقة وفاة ''عبده الجندي'' بصنعاء    رجال القبائل ينفذوا وقفات احتجاجية لمنع الحوثيين افتتاح مصنع للمبيدات المسرطنة في صنعاء    سيئون تشهد تأبين فقيد العمل الانساني والاجتماعي والخيري / محمد سالم باسعيدة    تضامن حضرموت يظفر بنقاط مباراته أمام النخبة ويترقب مواجهة منافسه أهلي الغيل على صراع البطاقة الثانية    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    الزنداني يلتقي بمؤسس تنظيم الاخوان حسن البنا في القاهرة وعمره 7 سنوات    حقائق سياسية إستراتيجية على الجنوبيين أن يدركوها    حضرموت هي الجنوب والجنوب حضرموت    لغزٌ يُحير الجميع: جثة مشنوقة في شبكة باص بحضرموت!(صورة)    اليونايتد يتخطى شيفيلد برباعية وليفربول يسقط امام ايفرتون في ديربي المدينة    الضربة القاضية في الديربي.. نهاية حلم ليفربول والبريميرليغ    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    رئيس كاك بنك يبعث برقية عزاء ومواساة لمحافظ لحج اللواء "أحمد عبدالله تركي" بوفاة نجله شايع    لأول مرة.. زراعة البن في مصر وهكذا جاءت نتيجة التجارب الرسمية    عبد المجيد الزنداني.. حضور مبكر في ميادين التعليم    "صدمة في شبوة: مسلحون مجهولون يخطفون رجل أعمال بارز    البحسني يثير الجدل بعد حديثه عن "القائد الحقيقي" لتحرير ساحل حضرموت: هذا ما شاهدته بعيني!    الخطوط الجوية اليمنية تصدر توضيحا هاما    وحدة حماية الأراضي بعدن تُؤكد انفتاحها على جميع المواطنين.. وتدعو للتواصل لتقديم أي شكاوى أو معلومات.    إصابة مدني بانفجار لغم حوثي في ميدي غربي حجة    مليشيا الحوثي تختطف 4 من موظفي مكتب النقل بالحديدة    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    البرق بتريم يحجز بطاقة العبور للمربع بعد فوزه على الاتفاق بالحوطة في البطولة الرمضانية لكرة السلة بحضرموت    الديوان الملكي السعودي: دخول خادم الحرمين الشريفين مستشفى الملك فيصل لإجراء فحوصات روتينية    يوكوهاما يصل لنهائي دوري أبطال آسيا    رئيس رابطة الليغا يفتح الباب للتوسع العالمي    صحيفة مصرية تكشف عن زيارة سرية للارياني إلى إسرائيل    تحالف حقوقي يوثق 127 انتهاكاً جسيماً بحق الأطفال خلال 21 شهرا والمليشيات تتصدر القائمة    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    الذهب يستقر مع انحسار مخاوف تصاعد الصراع في الشرق الأوسط    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    قيادة البعث القومي تعزي الإصلاح في رحيل الشيخ الزنداني وتشيد بأدواره المشهودة    «كاك بنك» فرع شبوة يكرم شركتي العماري وابو سند وأولاده لشراكتهما المتميزة في صرف حوالات كاك حواله    «كاك بنك» يكرم شركة المفلحي للصرافة تقديراً لشراكتها المتميزة في صرف الحوالات الصادرة عبر منتج كاك حوالة    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    الاعاصير والفيضانات والحد من اضرارها!!    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و183    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    دعاء مستجاب لكل شيء    من هو الشيخ عبدالمجيد الزنداني.. سيرة ذاتية    مستشار الرئيس الزبيدي: مصفاة نفط خاصة في شبوة مطلبا عادلًا وحقا مشروعا    مع الوثائق عملا بحق الرد    لماذا يشجع معظم اليمنيين فريق (البرشا)؟    الحكومة تطالب بإدانة دولية لجريمة إغراق الحوثيين مناطق سيطرتهم بالمبيدات القاتلة    لحظة يازمن    - عاجل فنان اليمن الكبير ايواب طارش يدخل غرفة العمليات اقرا السبب    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عزان : لا مستقبل للحوثية لأنها تنطلق من خلفية مذهبية وعنصرية وليس لها مشروع إصلاحي
الحوثي استنفر العصبية وأرادها طائفية حتى في السياسة، والطائفية سلاح كل ضعيف
نشر في 26 سبتمبر يوم 29 - 10 - 2009

أكد الشيخ محمد يحيى عزان أن عناصر الإرهاب والتخريب الحوثية ليس لديهم مشروع إصلاحي، وإنما هم مجرد عصابات مسلحة بالإضافة إلى أن أتباع الحوثي في معظمهم أطفال ومتعصبون تعصبا أعمى وأضاف : إن تلك الجماعة لايمكن أن يقبلوا بالحوار حتى وإن ظللت تحاورهم إلى يوم القيامة، ولن يقبل الحوثي بالحوار إلا عندما يكون هو الخليفة" منوها إلى أن الصريع حسين الحوثي لم يلتزم بالمنهج الزيدي ، وإنما كان يأخذ ما يتوافق مع ما يحمله من أفكار ويعمل على نشره وأنه كان ينطلق من القضايا المجمع عليها، فهو مثلا يطرح قضية تفرق الأمة وتراجعها، ومن ثم يتحدث عن دور النبي صلى الله عليه وسلم في توحيد المجتمع وأهمية وجوده، ومن ثم يطرح تساؤلا: هل يمكن أن يتركنا الله سبحانه بعد وفاة النبي (ص) هملا، وبعد ذلك يتحدث عن علي بن أبي طالب كمنقذ، ويطرح نفس التساؤل بعد وفاة علي بن طالب، ليوصل القناعة إلى الآخرين بأنه هو المنقذ في زمانه هذا
وأشارعزان في محاضرته المعنونة ب"الحوثية النشأة والأهداف وآفاق المستقبل" التي ألقاها في منتدى الأحمر الاثنين الماضي أن الحوثي هاجم الصحابة رضوان عليهم، واستدل بإحدى دروسه تحت عنوان "دروس من صورة المائدة" هاجم فيها أبو بكر وعمر وعثمان، وقال: إن معاوية أحد أخطاء عمر بن الخطاب
ونبه إلى أن أهداف الحوثي المعلنة في البداية كانت هي الدفاع عن النفس لكن في الحرب الأخيرة وقبل اندلاعها لاحظنا أن أتباعه يتوسعون، ويعرضون أنفسهم في المناطق التي يسيطرون عليها كبديل عن الدولة، حيث قاموا بفتح سجون ومحاكم ومدارس وجباية الزكاة
وكشف عن أن عناصر الإرهاب والتخريب الحوثية يقومون بعد سيطرتهم على مناطق جديدة بإنزال العلم الجمهوري ورفع شعارهم "الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل..اللعنة على اليهود..النصر للإسلام"
وتعيد 26سبتمبرنت نشر أبرز ما تضمنته تلك المحاضرة والتي جاء فيها :
كلام الحوثي ( الصريع حسين الحوثي ) وما شاهدنا من سلوكه يتطابق بشكل صريح وواضح مع نظريات الجارودية , حيث نجده يهاجم في بعض محاضراته أئمة الزيدية الذين لم يؤمنوا بإلهية الإمامة، ويصفهم بأنهم: "غير مؤهلين ولا جديرين بالقيادة " وينتقد ما ذهبوا إليه من كفاية الخبرة، ومعرفته شئون الدين والدنيا، واختيار الناس ورضاهم، لاستحقاق الإمامة، معتبراً ذلك مجرد: "معايير مادية جاءت لنسف المعايير الإلهية وجلبت الانحطاط للأمة".
فهو يرى أن تعيين الإمام لا يكون إلا من الله تعالى، ليس بالتسمية، ولكن بأوصاف لا تتوفر إلا فيه، وعلى الأمة أن تبحث عمن تتوفر فيه تلك الأوصاف، وتتخذه ولي أمر مطاع في شؤون الدين والدنيا.
الأهداف المعلنة والخفية لتمرد الحوثي
بسهولة يدرك من يستمع أو يقرأ بعض دروس حسين الحوثي أن الأنشطة والتحركات التي قادها وسخر لها كل ما بوسعه، واستنفر لها أتباعه ودفعهم نحو الموت؛ تهدف إلى شيء واحد، هو العمل: على استعادة ما يَرى أنه حق أهل البيت في ولاية أمر المسلمين، باعتبار ذلك اختياراً إلهياً ليس للناس فيه يد ولا خيار، ولا سبيل إلى خلاص الأمة مما هي فيه إلا إذا اجتمعت تحت راية أهل البيت، وذلك لا يتم بعودة حق الولاية المطلق إليهم.
ويؤكد في أكثر من موضع أن الخلفاء الراشدين ومن أيدهم من الصحابة سلبوا أهل البيت ذلك الحق، وتعاقب الخلفاء على ظلمهم وإقصائهم حتى اليوم، مما تسبب في ضعف الأمة وهوانها وانهزامها أمام أعدائها، مؤكدا أن خلاص الأمة وعزتها لا يمكن أن يكون إلا على يدر أهل البيت.
ثم نجده يسعى بشكل غير مباشر إلى اختزال أهل البيت في شخصه، حيث عمل على تصنيفهم إلى فريقين عير جديرين بحمل المسئولية:
أحدهما: منفتح على سائر المذاهب الإسلامية وشريك لها في اعتماد أصول التشريع ومناهج التفكير. وهذا الفريق لا يعول عليه في نصرة حق ولا خذلان باطل؛ لأنه تأثر بثقافات الآخرين التي يعتبرها مصدر ضلالة وانحراف.
وفي ذلك يقول: «بصراحة أقول: أن الزيدية لا يُتوقع أن تنهض إلا إذا ما نظرنا نظرة موضوعية لنصحح ثقافتنا، فما كان قد وصل إلينا عن طريق السنية، وما كان في الواقع هو من تراث السنية، أصول الفقه هو سني ، ليس صحيحاً أنه من علم أهل البيت، دخل إلى أهل البيت، ودخل إلى الزيدية وتلقفوه. علم الكلام جاء من عند المعتزلة، والمعتزلة سنية، (كتب الترغيب والترهيب) كثير منها ومنطق الترغيب والترهيب كثير منه من عند السنية، هذه علوم جاءتنا من عند فئة ضالة فأضلتنا أضلتنا فعلا، ونحن نشهد على أنفسنا بالضلال».
ونجده يتهم الزيدية بالتقصير في التمسك بما يسميه الثقلين، ويرى أنه سبب الضعف والضلال، فيقول: «نريد أن نعرف كم نحن من الزيدية هنا في هذا المكان مؤمنين بقضية الثقلين بوعي، أنها هي المسألة التي لا بد منها في الاهتداء بالدين (إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي) أليس هذا الضمان من الضلال في كل مجالات الدين في كل مجالات الحياة؟ والضلال هذا الذي قاله الرسول لا يعني أنك تقع في معصية تدخل في باطل من هذا الباطل المعروف ،بل الضلال بكله ،الضلال في العقيدة ،الضلال في الفكر ،الضلال في الحياة ، ما هو الضلال في الحياة؟. أليس هو التَّيْه ،الجهل ،الضَّعة، الذلة ،افتقاد القوة، الشقاء، أليس هذا هو الضلال؟».
والفريق الآخر: يؤمن بتفرده بالحق في العقيدة والسياسة والفقه، ولم يتأثر بثقافات المذاهب الأخرى، ولكنه في نظره ضعيف مهزوم محارب مضطهد، يبحث لنفسه عن تبريرات ومخارج.
وعن هذا يقول: «وهذا يقرأ، يقرأ ،ثم يبحث له عن مخرج من هذا الواجب، من هذا الأمر الإلهي، ومن هذه الآية القرآنية ؛ فضاعوا، وإذا ما ضاع أهل البيت ضاعت الأمة، وضياع الأمة مسئولية كبيرة على أهل البيت، هم مسئولون عن ضياع الأمة، وضلالها».
وبالتالي لم يبق أمام الأمة في نظره إلا الأخذ بمنهجه الذي يهدف إلى إحياء دعوى التفرد بالحق الديني والسياسي وحصره في فئة معينة نصب نفسه علماً لها، لذلك نجد أن جميع أنصاره يشتركون في عصبية عرقية وطائفية واحدة، ويرون فيه وفي منهجه المنقذ الوحيد لهذه الأمة التي وصفها بالمهزومة الذليلة، وأنها قد صارت تحت أقدام اليهود.
فهو يؤكد في معظم دروسه: «أنه لا يمكن للناس أن يرسموا لأنفسنا منهج هداية، ولكن الله هو الذي يعين أعلاماً للهدى يتولونهم ويذوبون في شخصياتهم، أما الدساتير البلدان الإسلامية فإنها تكتفي في الحاكم بشروط سهلة ليتمكن كل شخص أن يكون قائداً للأمة. وذكر أن الديمقراطية مجرد دسيسة للقضاء على النظام الإسلامي القائم على تعيين الأشخاص الجديرين بان يكون أعلاما للأمة وأولياء لأمرها».
ويؤكد: «أن الله لم يترك الأمة هملاً فقد نص على علي ابن أبي طالب علما للأمة بعد رسول الله، ومن بعده الصالح من أهل بيته دون سواهم، ولكن الأمة غيرت وبدلت ونصبت أعلاماً آخرين كأبي بكر وعمر فضلت وتاهت وانهزمت أمام الأعداء. لافتاً إلى أن أي حركة أو زعيم لا يمكنه أن يحقق للأمة نصراً مهما كان خلصاً ما لم يكن من أهل البيت».
وشيئا فشيئاً دفع الحوثي بأتباعه نحو مواجهة من يخالفهم: بالتمرد والعصيان والقتال، فبدأت المأساة بمواجهات فكرية حادة مع مخالفيه من الزيدية سواء من (الشباب المؤمن) أو غيرهم من المدارس العلمية، وانتهت بحرب مع الدولة، توسعت وتنقلت من بلد إلى بلد، وتغيرت نتائجها ومطالبها وأهدافها عاما بعد عام.
تجني الحوثي على المذهب الزيدي فكرا وسلوكاً
ينطلق علماء الزيدية في التعامل مع مختلف الأحداث والمتغيرات، من خلال فهم الكتاب والسنة في ضوء الأصول الثابتة، ومناهج الفهم المتعارف عليها عند سائر المسلمين، وهذا ما يحول دون وقوع الفوضى سواء في ثقافة الناس أم في سير حياتهم.
ولكن ذلك لم يرق للحوثي ولم يعجبه، ووجد أنه لا يتلائم مع ما يسعى إليه من إثارة الفوضى والقتل والتشرد في حياة المجتمع، فأخذ يؤكد لمن يصغي إليه أن دور أهل البيت تلاشى وضعف بعد ما كان في الصدارة، فيقول: «ألم يكن الواحد من أهل البيت يحرك أمة ؟ هاهم عشرات العلماء من أهل البيت لا يحركون ساكناً! أليس هذا واضحاً ؟ عشرات العلماء من أهل البيت في اليمن لا يكادون يحركون ساكناً»[مسؤولية أهل البيت].
ويقول: «أنا أشعر من خلال تأملي للقرآن الكريم ومن خلال تأملي للواقع وقد أكون مخطئا عند الكثير أن الزيدية تعيش حالة من الذلة أسوء من التي ضربت على بني إسرائيل علماؤنا وطلاب علمنا ومجتمعنا كله، نعيش في حالة من المسكنة والذلة أشد مما ضربها الله سبحانه وتعالى على بني إسرائيل ؛لأننا أضعنا المسئولية»[مسؤولية أهل البيت].
ولا يتوانى الحوثي في استغلال كل فرصة لتوبيخ الزيود واتهامهم بالضعف والتقصير ووصفهم بالتيه والضلال، وأنهم ليسوا على شي، ما لم يغيروا مسلكهم ويلتفوا حوله ليحولهم إلى عصابات تمارس القتل وقطع الطرقات وتشريد الناس، بدل الدراسة والعبادة والإسهام في بناء حياة كريمة آمنة.
اتهام الزيدية بالانحراف والضعف وتضييع المسئولية
يتخبط الحوثي في معرفة سبب ذلك فيدعي أن الحاضرين من أهل البيت انحرفوا عن منهج المتقدمين، فيقول: «لقد كان دور أهل البيت دوراً مهماً في التاريخ كله، ولكنه في العصور المتأخرة [تلاشا]» [مسؤولية أهل البيت]. وتارة يعكس الأمر فيحمل الماضين مسئولية التأثر بثقافة الآخرين فيقول: «نريد أن نحذر مما وقعنا فيه في العصور المتأخرة، إذا ما تثقف أهل البيت بثقافة الآخرين كما حصل في الماضي على أيدي (المعتزلة) و(الأشاعرة) و(السنية). [مسؤولية أهل البيت]
ثم يتوجه إلى علماء الزيدية ويلومهم على فهمهم للدين وتعايشهم مع سائر المسلمين ، ويحملهم مسئولية التقصير وضياع الأمة، فيقول: « إن أبناء محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) هم أنفسهم وهم آلاف مؤلفة الآن هم يعيشون حالة من الفرقة والشتات، وروح اللامبالاة والتفريط والتقصير السائدة في أوساطهم. يقول للناس جميعاً: جاهدوا في سبيل الله لكنه يقول لأهل البيت: جاهدوا في الله حق جهاده» [مسؤولية أهل البيت].
ويعتبر ما اختاروه من التعايش نتيجة لقراءتهم وتأملهم للنصوص مجرد تهرب من القيام بواجبهم، فيقول: «وهذا يقرأ، يقرأ ، ثم يبحث له عن مخرج من هذا الواجب، من هذا الأمر الإلهي، ومن هذه الآية القرآنية؛ فضاعوا، وإذا ما ضاع أهل البيت ضاعت الأمة، وضياع الأمة مسئولية كبيرة على أهل البيت، هم مسئولون عن ضياع الأمة، وضلالها» [مسؤولية أهل البيت].
ثم يحرض على الاندفاع نحو الفوضى بحجة الجهاد.. الجهاد حيث لا يوجد من يجب جهاده، معتبراً أن: «أهل البيت إذا ما تحركوا، إذا ما صلحوا فإن الله يهيئ الكثير الكثير من الأفئدة لتهوي إليهم لكنهم إذا ما أهملوا وفرطوا ذلوا، وضعفت نفسياتهم، وتفرق الناس من حولهم» [مسؤولية أهل البيت].
ويضيف: «نقول لأولئك الذين يبحثون عن تبريرات من علمائنا مع احترامنا الكبير لهم : انتبهوا، اقرؤوا ما عمل اليهود في البلدان الأخرى، هل أنت منتظر حتى ترى (الأمن السياسي) في اليمن مطعماً بشخصيات يهودية تحت عنوان: خبراء؟ سيعذبونك، ويعذبون أمثالك بأوهى الحجج، ممكن أن يبحثوا عن أوهى مبرر من أجل أن يأخذوك فيزجون بك، وبأمثالك إلى أعماق السجون، ثم يعذبونهم أشد العذاب» [مسؤولية أهل البيت].
فانظر كيف يلبس الحق بالباطل، ويحرض على التمرد وإثارة الفوضى، بحجة أن ما يفعله اليهود في بعض البلدان يمكن أن يحدث مثله في المستقبل في بلادنا.
لذلك فهو يرى أنه لابد من تغيير أي فكر يثمر حياة وتسامحاً ومحبة وتعايشاً، بفكر يثمر موتا وتعصباً وكراهية وتنافراً، بحجة تصحيحه وتنقيته.
أسباب انحراف الزيدية في نظر الحوثي
بعد أن قرر الحوثي خطأ ما بين أيدي الزيدية من التراث، وسوء ما هم عليه من فهم لنصوص الشريعة، ذهب يبحث عن سبب ذلك الانحراف فأخذ يرمي في كل اتجاه
الانفتاح على التراث الإسلامي المشترك
ويحذر من تراث المسلمين في الماضي، فيقول: «إذا ما اتجهوا نحو الفنون [يقصد فنون العلم كأصول الفقه] التي هي دخيلة عليهم من الآخرين؛ فإنهم سيضلون، وإنهم سيتيهون»[مسؤولية أهل البيت].
ويضيف: «يجب أن نأخذ عبرة من ماضينا، وما نحن فيه في حاضرنا شاهد على الأثر السيئ للثقافة المغلوطة التي زحفت إلينا من الآخرين، ممن هم في ضلال، وفي ظلمات متراكمة بعضها فوق بعض» [مسؤولية أهل البيت].
ويقول: «عندما امتدت إليهم يعني الزيدية هَبَّة من الروائح الكريهة من جانب شيعة هؤلاء ، فدخل المعتزلة ودخل السنيّة ، وأصبحوا متأثرين بهم ، فكانوا أعلام منحطين ، وكان صراع فيما بينهم ، لم يكن يحصل مثله بين أئمة أهل البيت عليهم السلام السابقين ، فتدنسوا هم بسبب ما وصل إليهم ؛ ولأنهم لم يكونوا كاملين ، لم يحصلوا على الكمال ، أو بعضهم لم يحصلوا على الكمال ؛ لأن ثقافته كانت معتزلية أو ثقافته كانت سنية ، ولا يمكن أن يبلغ رجلاً درجة كمال بحيث يمكن أن يلي أمر الأمة ، وهو على هذا النحو ؛ لأنه هو أصبح متأثراً بالآخرين ، أصبح متأثراً بما هَبّ من جانب أبي بكر وعمر وشيعتهم».
الاعتماد على مناهج الفهم المتعارف عليها
ولما كان علم (أصول الفقه) من أهم المناهج التي تضبط فهم النصوص، وتحمي التفكير من الاعوجاج، وتحرر العقول من التبعية والتقليد الأعمى، وعلى دراستها وتطبيقها مضى سلف أهل البيت وخلفهم، كغيرهم من سلف الأمة وخلفهم ، فإن الحوثي وجد فيها عدوا لدوداً لدعوته التي تقوم في الأساس على تعطيل العقول وفرض التبعية العمياء، لذلك خصها بهجوم مركز، واعتبرها سبب كل بلاء تتعرض له الأمة، ومن ذلك قوله: «من أين جاء هذا؟ قواعد في (أصول الفقه) وفي (علم الكلام) قواعد ركنوا إليها فجعلتهم يقعدون، وهم من قال الله سبحانه وتعالى لهم:{وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ}(الحج: من الآية78)» [مسؤولية أهل البيت].
ويقول: «إذا ما اتجهوا [يعني أهل البيت ] نحو الفنون [يقصد فنون العلم كأصول الفقه] التي هي دخيلة عليهم من الآخرين؛ فإنهم سيضلون، وإنهم سيتيهون»[مسؤولية أهل البيت].
ويقول: «بصراحة أقول: أن الزيدية لا يُتوقع أن تنهض إلا إذا ما نظرنا نظرة موضوعية لنصحح ثقافتنا، فما كان قد وصل إلينا عن طريق السنية ، وما كان في الواقع هو من تراث السنية ، أصول الفقه هو سني ، ليس صحيحاً أنه من علم أهل البيت، دخل إلى أهل البيت، ودخل إلى الزيدية وتلقفوه. علم الكلام جاء من عند المعتزلة، والمعتزلة سنية، (كتب الترغيب والترهيب) كثير منها ومنطق الترغيب والترهيب كثير منه من عند السنية، هذه علوم جاءتنا من عند فئة ضالة فأضلتنا أضلتنا فعلا، ونحن نشهد على أنفسنا بالضلال».
وهذا يعكس مدى رغبته في تجهيل الناس والفصل بينهم وبين المعرفة، ليصلوا إلى ما وصل إليه أتباعه من اعتباره المصدر الوحيد للدين، وأنه صاحب علم لدنِّي أو انه يأتيه الإلهام من الغيب.
انعدام الإمكانات المادية
ما انفك الحوثي يوحي لأتباعه بأن الدولة تعمل على ضرب المذهب الزيدي وإضعافه، ليعمي بصائرهم بغشاوة العصبية الطائفية، ويحولهم إلى عصابات تمارس القتل وقطع الطرقات وتشريد الناس، بدل الدراسة والعبادة والإسهام في بناء حياة كريمة آمنة، فيقول: «لنستعرض وضعنا: هل لدينا حزب؟ لا. هل لدينا مطبعة؟ لا. هل لدينا قناة تلفزيون؟ لا. هل لدينا إذاعة؟ لا. هل لدينا صحيفة أو مجلة، لدينا جمعيات؟ حتى الجمعيات نحن لا نهتم بها، ناقصين في كل مجال، نحن نعيش حالة ضلال رهيب».
وهذا كلام لمجرد التحريض، فهو لا يؤمن بالحزبية حتى يطالب بحزب، ولا يؤمن بحرية التعبير حتى يطالب بصحيفة أو قناة تلفزيونية أو إذاعة. فهو يعتبر الحزبية والديمقراطية والحرية من الغز الغربي ويرى أنهم : «جاءوا بالديمقراطية لتكون بديلاً عن نظام الإسلام، ولنكون نحن المسلمين من يمسح من ذهنيتنا أن هناك في الإسلام نظام، هناك ولاية أمر، هناك دولة فيأتوا بالديمقراطية، الديمقراطية نفسها ما الذي حصل يُفرض داخلها حرية رأي، حرية التعبير، حرية الكلمة، حرية التحزب، حرية التجمع، حرية القول، أليس هذا هو ما يحصل؟ هل نقول أنهم جاءوا بالديمقراطية رحمةً بنا؟ من أجل أن لا يكون هناك كَبْت ولا قهر؟.. لا. لهم أهداف أخرى وغايات أخرى» هكذا قال في محاضرة له بعنوان [الدرس الأول في عظمة الله]
أما الزيدية فهم جزء من المجتمع اليمني حالهم حال غيرهم في الحزبية والصحف والطباعة والجمعيات وغيرها من المؤسسات، فهم منخرطون في الأحزاب السياسية، قادة وأفراداً، وكان لديهم (حزب الحق) قادته ومنظروه من الزيدية، وقد دخل الحوثي وكذلك أخوه يحيى وصاحبه عبد الله الرزامي مجلس النواب في ظل الديمقراطية وباسم ذلك الحزب. ولكنه لما لم يكن يمتلك مشروعا وطنياً مقنعاً أرادها طائفية حتى في السياسة، لأن الطائفية كسائر العصبيات سلاح كل ضعيف لا يمتلك إلا الدجل على المغفلين والبلهاء.
ثم إن الحضور الزيدي في الساحة الفكرية والثقافية والسياسية والاجتماعية لم يكن أكثر ازدهاراً منه في زمن الجمهورية، فهنالك عشرات المراكز الزيدية التي تهتم بنشر المذهب الزيدي من خلال تدريسه ونشر تراثه، وأكثر تلك المراكز مرخص من جهة الدولة. وهنالك عشرات الجمعيات المرخصة منها جمعية (مران الخيرية) التي كان يتزعمها الحوثي نفسه. بل إن وزارة الأوقاف والإرشاد قامت بمباركة من الأخ رئيس الجمهورية بطباعة أهم مراجع المذهب الزيدي، مثل: (شرح الأزهار) و (ضوء النهار) و (البيان الشافي)، و (الثمرات اليانعة. وغيرها من أمهات الكتب. بل عملت الدولة على طباعة المناهج الزيدية الخاصة التي كانت تدرس في (دار العلوم) بصنعاء، وطبعت الآلف من كتب (الشباب المؤمن). وذلك ما لم تفعله لجماعة أخرى.
التحرر من التبعية والغلو
هل نحن طائفة واعية نستمسك بعلمائنا وبأعلامنا؟ أم أننا أصبحنا كما يقال: (تَوْفِيَة مذاهب) من يريد أن يوفي مذهبه أخذ له أنصار منا، أصبحنا تائهين، ليس لدينا شيء ثابت. الزيدية عندما يكونوا على هذا النحو فهم تائهين ضائعين ، حتى الشوافع في اليمن هم أرقى منا ، محافظة تعز أرقى منا ، لديهم خدمات أكثر منا ، نحن الزيود ينظر إلينا نظرة أخرى على مستوى المحافظات، وهذا يعني أننا أصبحنا ضائعين حتى أمام من هم مضيعين للثقلين». هذا كلامه وفيه مغالطة من جهتين:
الجهة الثانية: أن الزيدية إذا كانت كما ذكر الحوثي (تائهة ضائعة) فتلك مشكلتهم، وليس على الدولة ولا على أتباع المذاهب الأخرى أن يُخلوا لها الساحة، أو يفرضوهم بالقوة على الناس، ولكن على كل صاحب فكرة سواء كانت دينية أو سياسة أو اجتماعية أن يقدمها للناس، فإن قبلوها فذلك شأنهم، وإن رفضوها فهم أحرار. ولكن هذا لم يرق للحوثي لأنه تربى على نغمات أنه صاحب الحق الإلهي، الذي يجب على الناس أن يحنوا له الهامات ويضعونه في أعلى هرم زعامة الأمة، لا لكفاءته ولكن لأنه القدوة المصطفى الذي اختاره الله كما يزعم أصحابه، ويدل علي كلامه في ملازمه.
وسائل إصلاح خطأ الزيدية في نظر الحوثي
بعد أن قرر الحوثي خطأ الزيدية وتيه أئمتها وضال مناهجها أخذ يقدم وسائل الإصلاح والتغيير بما يراه كفيل بنهضة الزيدية واستعادة مجدها وتمكنها من إنقاذ الأمة. وحصر ذلك في أمرين: التعصب والجهل.

استنفار العصبية والتعصب
وأحيانا يرى أن سبب الضعف أن الزيدية ليسوا كغيرهم في الغلو والتعصب ، فيقول: «ثم تجدنا أقل الطوائف ولاءً، أليس هذا هو الحاصل؟. نحن أقل الطوائف ولاءً لأهل البيت عليهم السلام. ولو كانوا أهل البيت الذين هم من نوعيتنا لكانت المسألة بسيطة ،لكن نحن أقل الطوائف ولاء لمثل الإمام علي عليه السلام. المكارمة أكثر ولاء للإمام علي عليه السلام منا ،وكذلك الإثنا عشرية أكثر ولاء للإمام علي عليه السلام منا، والإسماعيلية أكثر ولاء للإمام علي عليه السلام منا ،بل حتى الصوفية السنيّة أكثر ولاء منا للإمام علي عليه السلام فهم يهتفون باسم الإمام علي عليه السلام أكثر منا».
* وكثرا ما يلمح إلى التقصير في التمسك بما يسميه الثقلين هو سبب الضعف والضلال، فيقول: «نريد أن نعرف كم نحن من الزيدية هنا في هذا المكان مؤمنين بقضية الثقلين بوعي ،أنها هي المسألة التي لا بد منها في الاهتداء بالدين (إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي) أليس هذا الضمان من الضلال في كل مجالات الدين في كل مجالات الحياة؟ والضلال هذا الذي قاله الرسول لا يعني أنك تقع في معصية تدخل في باطل من هذا الباطل المعروف ،بل الضلال بكله ،الضلال في العقيدة ،الضلال في الفكر ،الضلال في الحياة ، ما هو الضلال في الحياة؟. أليس هو التَّيْه ،الجهل ،الضَّعة، الذلة ،افتقاد القوة ،الشقاء ، أليس هذا هو الضلال؟».
إقفال العقول وحجب المعارف
ولكي يحجب عقول أتباعه عن مصادر المعرفة والتنوير، ويقصرها على ما يقدم لهم، فإنه يحذر من القراءة والاستماع ، حتى المناهج الدراسية النابعة من عمق الثقافة الإسلامية والمتناسبة مع طبيعة الشعب اليمني والتي يتعلمها جميع أبناء اليمن، يحذر منها ويوصي بأنه لا يجوز الاعتماد عليها، فيقول: «كذلك نحن يجب أن نحذر من أن نثقف أنفسنا بأي ثقافة أخرى، فلا المناهج الدراسية يجوز لك أن تثقف نفسك بها، وتعتمد عليها، خذ فقط من المناهج الدراسية نص القرآن فقط، لا تاريخ، ولا عقائد، ولا فقه، ولا أي شيء أخر تعتمد عليه في المناهج الدراسية القائمة» [مسؤولية أهل البيت].
تراه يحذرهم عن قراءة كتب ومحاضرات الآخرين، فيقول: «لا تكن ممن يأخذ أي كتاب من السوق، أو ممن يحضر أمام أي شخص يتكلم وتكون أذناً سامعة لهذا، وهذا» [مسؤولية أهل البيت].
الأهداف المرحلية للحروب
في إطار الهدف الأساسي الذي ذكرناه سابقاً جاءت الحروب المتتالية، ولكن تحت عناوين مختلفة، أما الحروب الأولى، فكانوا يظهرون أنهم إنما يدافعون عن أنفسهم وحريتهم في التعبير، مما أكسبهم تعاطف بعض الناس وتوسع دائرة أنصارهم، وساعدهم على ذلك ما ظهر من استغلال خصوم المذهب الزيدي لتلك الفتنة لتصفية حسابات طائفية من خلال مؤسسات الدولة، إلى جانب أن بعض وسائل الإعلام قدمتهم بصورة مذهبية معينة، وأوحت بأن ذلك أحد أهم مبررات قتالهم.
أما قبل الحرب الأخيرة (السادسة)، فإن تصرفاتهم على الأرض كانت تشير إلى أنهم دخلوا مرحلة جديدة، حيث استغلوا حالة السلم فأخذوا في التوسع وبسط نفوذهم على المزيد من المناطق، وفرضوا أنفسهم على المجتمع كبديل للدولة.
هذا ما نشاهده ويخبر عنه الناس المتواجدون في المناطق التي يسيطرون عليها تماماً، أما الكلام الذي الذين يقدمونه لوسائل الإعلام فمختلف إذ أن مفاده: أنهم يدافعون عن أنفسهم وأنهم يطالبون بحرية التعبير وأنه لا غرض لهم في السعي إلى السلطة وتغيير النظام.
ونحن على يقين بأن أهدافهم المعلنة ستضل غامضة، وأنها ستتغير، وتتبدل حسب المراحل والأحوال، ولكن في إطار الهدف الأكبر الذي يقاتلون من أجله ويقنعون أتباعهم بقدسيته.
ومن هنا يأتي سبب صعوبة التوسط بينهم وبين الدولة، فتلبية المطالب التي يعلنونها، لا يحقق الغرض ولا يقطع دابر الفتنة، إذ أن المطلب الحقيقي الذي بسببه جاءت الفتنة وتكررت الحروب غير ما هو معلن، وليس باستطاعتهم التنازل عنه لأنه في نظرهم حق شرعي لا يجوز التنازل عنه، وإن كان بعضهم قد يرى أن بالإمكان تجميده أو تعليقه حتى تحين الفرصة وتواتي الظروف.
الحوثيون والنظام والعلاقة بإيران
لا يؤمن الحوثيون بالنظام الجمهوري، ولا بالدستور والقانون اليمني، لا بعد الحرب ولا قبلها، ولكنهم كانوا يتعاملون مع ذلك على أنه أمر واقع، ويصفون الثورة بأنها انقلاب على الحكم الشرعي، ولا يخفون رغبتهم في تغيير النظام لو تمكنوا من ذلك.
وقد ظهرت دلائل ذلك في تصرفاتهم في المناطق التي يسيطرون عليها، حيث ينزلون العلم الوطني، الذي هو رمز الدولة ونظامها الجمهوري، إلى جانب قيامهم بدور الدولة وفق تعليمات خاصة بهم. فتدخلوا في شؤون السلطة المحلية بل ألغوها في بعض المناطق، فنصبوا المحاكم، وأقاموا السجون، وغيروا في المناهج الدراسية، وأعادوا تعيين المدرسين، وخطباء المساجد، وجمعوا الزكوات، وحرصوا على التمدد بجانب الحدود مع السعودية حتى يتمكنوا من تدويل قضيتهم، وجلب تأييد بعض القوى الإقليمية.
أما العلاقة بإيران، فإنه يغلب على ذوي العصبيات المذهبية والسلالية ضعف الولاء لغير عصبياتهم بما في ذلك الوطن أرضه ومجتمعه، والحوثيون في رأيي وحسب معرفتي بهم من ذلك القبيل، فلا يهمهم أن تكون لهم علاقة بإيران، أو أن يكونوا أداة للقيام بدور لصالحها، ما دام يتناغم مع عصبيتهم، ولوعلى حساب أمن الوطن واستقراره
إضافة إلى الإعجاب الكبير لدى كثير من اليمنيين وخصوصاً أهل صعدة بالثورة الإيرانية، وسائر حركات التحرر والمقاومة كحزب الله وحماس والجهاد الإسلامي، وهو ما يستغله المتمردون بشكل سلبي.
والإيرانيون وسائر الشيعة في العالم يشعرون بعاطفة نحو الحوثيين لأسباب دينية وسياسية، وإن لم يتفقوا معهم في المذهب، خصوصاً أنهم ينتمون إلى الزيدية، والزيدية مصنفة من فرق الشيعة وإن كانت أفكارها معتدلة وتوصف بأنها أقرب المذاهب الشيعية إلى أهل السنة.
مستقبل الحركة الحوثية
لا أتوقع للحوثية مستقبل في اليمن وإن أحدثت بعض الضجيج وسيطرت على بعض المناطق، وراهنت عليها بعض الجهات، لعدة أسباب أهمها:
1 أنها تنطلق من خلفية مذهبية وعنصرية، تقيدها ولا تسمح لها بتجاوز نطاقها المذهبي والعنصري في أحسن أحوالها، فكثير من اليمنيين قد ذاقوا طعم الحرية وتحرروا من التبعية ، ومن الصعب عودتهم إلى الطاعة العمياء والتبعية القاتلة.
2 وليس لها مشروع إصلاحي مقبول، ولكنها ترتكز على التوقع بأن الأمور ستصلح بمجرد عودة الولاية إلى أهلها، وهذه توقعات ودعاوى تبناها كثير من أسلافهم، وحينما صار الأمر إليهم وجدوه كسراب بقيعة، وعاش الناس في ظلهم هواناً وخوفاً وفقراً وجهلاً مطبقاً وحروب لا تخمد نيرانها وفرقة وفتن أتت على كل شيء.
3 لا تمتلك الآلية قادرة على تنفيذ مشاريع إصلاحية وخدمية وتنموية، نظراً لكون معظم أفرادها لفيف من الأتباع الغير منتجين، ولا يجيدون إلا المشاكسات وافتعال المشاكل، لذلك أتوقع أنهم سيحارب بعضهم بعضاً إن لم يجدوا عدواً من يحاربوه.
4 أنها تفرض نفسها على غيرها بالقوة، وتتوسع تحت طائلة إخافة الناس وإرهابهم والتنكيل بهم، ومصادرة حريتهم وقناعاتهم، وهذه الحال لا تدوم وإن فرضت نفسها مؤقتاً، فسرعان ما تجد مقاومة تتطور شيئا فشيئا حتى تطيح بها.
5 أنهم لا يؤمنون بحق من يختلف معهم في التفكير ولا في التعبير، بل ولا حتى في الوجود، لان الحق في نظرهم واحد وقد تعين في ما يرونه، والبقاء للأصلح وقد تعين فيهم، وذلك سيغرقهم في وحل التصفيات الدائمة.
تصور لحلول مفترضة
نجد صعوبة كبيرة في تصور الحلول الناجعة لتمرد الحوثي، لأن أتباعه لا يزالون يعتقدون أن بإمكانهم فرض أنفسهم على الواقع بالقوة، ولا يزال الجيش يرى أن بإمكانه إنهاء التمرد بالحسم العسكري، ونحن نعتقد أنه لا حل للمشكلة دون إنهاء التمرد، ونتصور لذلك، ثلاث صور:
الأولى: في حالة استمرار الحرب على الجيش أن يقوم بمراجعة إستراتيجيته القتالية، ويغير من خططه وأساليبه، بما يمكنه فرض سيطرته، فإذا تقدم تقدماً نوعياً وأدرك المتمردون أنه قادر على إضعافهم وإلحاق الهزيمة بهم، أخذت الدولة في التفاوض معهم من موضع قوة، فتدفعهم نحو القبول بالسلم دفعاً، ولا تستجيب إلا لما هو مشروع ومعقول من مطالبهم.
الثانية: في حالة الحوار تدخل الدولة في حوار مباشر مع المتمردين في ظل وساطة محلية أو إقليمية وهنا ستكون الدولة مضطرة إلى قبول بعض مطالب المتمردين وتعطيهم ما لم يعطهم الدستور والقانون، وهذا خيار صعب تترتب عليه تبعات خطيرة. ولن يكون مجديا ؛ لأن المتمردين سيتعاملون معه مرحليا، ولن يقبلوا بأقل من تحقيق أهدافهم إلا إذا كانوا قد تخلوا عن الحق الإلهي في الحكم، وأدركوا أن الحياة اليوم قائمة على التعايش والقبول بالآخر كما هو.. فكراً وسلوكاً.
الثالثة: ظهور حركات شعبية تتحرك ضد المتمردين وتنطلق بدوافع ذاتية تعمل من أجل حرية المجتمع وأمنه ومصالحه وتستخدم نفس الأسلوب الذي استخدمه المتمردون ضد الدولة ابتداءً من العمل الثقافي والفكري ومروراً بالعصيان وانتهاءً بمواجهة العدوان والتصدي لأعمال القمع والإرهاب على أن لا تتدخل الدولة في إدارته أو توجيهه أو التأثير عليه أو استغلاله ولكنها تُدعم من المجتمع دعماً نوعياً , ولكل تصور من هذه سلبيات تتفاقم وتنضبط، حسب التخطيط والإدارة، والتقييم، والمعالجات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.