البنك الدولي يعلن عن تشكيل مجموعات من الخبراء لوضع خطط لإعادة إعمار غزة وأوكرانيا    وزارة الكهرباء تُحيي أربعينية الشهيد الدكتور علي سيف محمد    ارتفاع مذهل لاسعار الذهب في اليمن ونصف الاحتياطي يتسرب إلى الخارج    الاضراب يشل منفذ شحن بسبب رفع الجبايات بنسبة 100%    عدن في الظلام.. مدينة تختنق تحت صمت الكهرباء وغياب الدولة    نجاة مدير منفذ الوديعة من محاولة اغتيال مسلحة    حماس: 47 خرقا اسرائيلياً بعد قرار وقف الحرب على غزة لغاية الان    الأونروا: 300 ألف طالب بغزة يعودون للدراسة وسط حصار المساعدات    المنتخب الوطني يتقدم مركزين في تصنيف الفيفا    انطلاق المؤتمر العلمي الأول لكلية طب الأسنان في جامعة 21 سبتمبر    تكريم 99 حافظة وحافظ لكتاب الله بمحافظتي مأرب والجوف    مليشيات الحوثي تستهدف سيارة إسعاف بالضالع والحكومة تدين الجريمة    عائلات مختطفيّ إب: مليشيا الحوثي تواصل التعتيم عن مصير المخفيين قسرا منذ أشهر    ناقلة نفط تصدر نداء استغاثة قبالة اليمن    ترتيبات لاقامة مخيم طبي مجاني لاسر الشهداء    إسبانيا تتصدر عالميا والمغرب عربيا.. تصنيف الفيفا يحسم مواجهات ملحق المونديال    حضرموت بحاجة إلى مرجعية دينية بحجم السيد "الحداد"    لو فيها خير ما تركها يهودي    افتتاح المركز الثقافي اليمني في نيويورك    ارتفاع التضخم في منطقة اليورو إلى أعلى مستوى له منذ خمسة أشهر    3 لاعبين أفغان يسقطون في غارة جوية    وفاة أكاديمي بارز في جامعة صنعاء    المقالح: الجاسوس الأخطر يتواجد في المستويات القيادية    سان جيرمان يعود من بعيد لينتزع نقطة التعادل من ستراسبورغ    انفراجة في أزمة كهرباء عدن    خبير في الطقس يتوقع تحسن في درجات الحرارة وهطول أمطار غزيرة ويحذر من سيول في ثلاث محافظات    أن تكون من أنصار الله.. واجب ومسؤولية (وليست شعارًا أو وجاهة)    رحل القائد وبقي النهج    التحديات الحقيقية في الجنوب.. بين الجغرافيا والمصالح السياسية    موقف القانون الدولي من مطالب الانتقالي الجنوبي لاستعادة الدولة    النائب بشر: أطراف الصراع يمارسون الإرهاب والنهب باسم الشعب والوطن    قراءة تحليلية لنص "اثقال العيب .. تمردات وحنين" ل"أحمد سيف حاشد"    المعرفة المشاعة وسقوط النخبوية في الفضاء السيبرنطيقي    الذهب يتجاوز 4300 دولار متجها لأفضل مكاسب أسبوعية منذ 17 عاما    مصلحة الهجرة والجوازات توضح بشأن أزمة دفاتر الجوازات    الشيخ حسن بغوي يناشد الجهات العليا بصنعاء إعادة النظر في قضيته وانصافه    مهندس جيولوجي يوضح حقيقة منجم الحامورة في حيفان بتعز    المداني خلفا للغماري .. بعضاً مما قاله خصمه اللدود عفاش في الحروب الست    احتل المرتبة 152.. المنتخب الوطني يتقدم مركزين في تصنيف الفيفا    هيئة الكتاب تصدر كتاب "مفهوم الشرق الأوسط الجديد"    الهلال يبقي بونو حتى 2028    عدن تغرق في الظلام مع ارتفاع ساعات انقطاع الكهرباء    ديمبيلي يدخل خطط الشهري أمام الهلال    فريق صلاح الدين يتوج بطلاً لبطولة "شهداء على طريق القدس"    خبير في الطقس يحذر من كتلة غبار قادمة ويتوقع تراجع موجة البرد مؤقتا    إشهار منصة إرث حضرموت كأول منصة رقمية لتوثيق التراث والتاريخ والثقافة    اغويرو يبدي اعجابه بماركوس راشفورد    وزير الشباب والرياضة المصري يكرم وفد اليمن المشارك في نموذج محاكاة برلمان الشباب العربي    اليمن انموذجا..أين تذهب أموال المانحين؟    ابتكار قرنية شفافة يقدم حلا لأزمة نقص التبرعات العالمية    معهد امريكي: شواء اللحوم يزيد خطر الاصابة بالسرطان    الضالع بعيون ابينية    متى يبدأ شهر رمضان 2026/1447؟    448 مليون ريال إيرادات شباك التذاكر في السعودية    أبناء وبنات الشيباني يصدرون بيان ثاني بشأن تجاوزات ومغالطات اخيهم الشيباني    أبناء وبنات الشيباني يصدرون بيان ثاني بشأن تجاوزات ومغالطات اخيهم الشيباني    الرمان... الفاكهة الأغنى بالفوائد الصحية عصيره يخفض ضغط الدم... وبذوره لها خصائص مضادة للالتهابات    ما فوائد تناول المغنيسيوم وفيتامين «بي-6» معاً؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المذبحة .. ماذا بعد؟!
نشر في الجمهورية يوم 14 - 08 - 2014

لا نُريد هنا أن نلوم أي طرف على حدوث تقصير ما سواء أكان جديداً أم قديماً حيال الأسباب والمؤامرات التي قادت إلى وقوع كل تلك الجرائم بحق الإنسان والدين والثقافة والثوابت والأخلاق والتاريخ والحياة في بلادنا، من قِبل عناصر ما يُعرف ب«أنصار الشريعة» الذين بالغوا وتمادوا بجرائمهم، التي كان آخرها مساء الجمعة 8 أغسطس، حينما قاموا بخطف الجنود ال «14» في الطريق ما بين «شبام - سيئون» ومن ثمّ ذبحهم ليس كالخرفان، فحسب، إنّما بصورة أكثر وحشية وقسوة وتجرُّد من أبسط المشاعرالإنسانية وأخلاق والقتل وتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف الذي يقول لنا : «إذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة»، والمراد بالذّبح هنا هو ذبح الحيوان وليس الإنسان؛ لأنه مُكرّم ومُستخلف في الأرض، ولا يُذبح، أو يُعامل كالحيوان، أو أسوأ منه كما حدث في هذه الجريمة البشعة.
المهم لعلّ الذي نريدُ أن نُشير إليه هو أن هذه الجرائم يجب أن تكون دافعاً قوياً للمجتمع وعلى رأسه المقاتلون الشجعان من منتسبي الجيش والأمن لإخراج البلد من هذا الليل الطويل وتحصينه من أصحاب الشهيات الشرهة والمفتوحة للقتل والذبح والبشاعة، والانتصار للجيش والزّي العسكري وتاريخ النضال الشريف والتسامح المشهود في البلد.
فذبح الجنود بتلك الطريقة الصاعقة وتوثيق لحظات التنفيذ المخزية دون حياء أو خجل أو خوف ،أو وازع من ضمير وذرّة من إحساس وشعور كاف بتعريف الناس بحقيقة مشروع أولئك «الذّبّاحين» ودرجة استهتارهم بدماء الآخرين وحياتهم، إلى جانب بُعدهم عن قيم الدين الإسلامي وتحديهم للمجتمع ومشاعره وقيمه وجيشه ومؤسساته وكرامته.
نقول: نحن على يقين كبير وثقة مطلقة، إنه لولا مروءة الشهداء ال «14» من الجيش، ونزولهم عند رغبة رُكّاب الباص وسائقه، الذين خشوا على أنفسهم من نتائج دفاع الجنود المغدورين عن أنفسهم، واضطرارهم لإخفاء أسلحتهم لكان الوضع مختلفاً تماماً، فالجنود الذين سمعهم بعض رُكّاب الباص كانوا يخطّطون - في حال تم اعتراضهم من طرف «الدّواعش» - للدفاع عن أنفسهم ومؤسستهم وحياة اليمنيين وأمنهم.
كانوا قادرين على الإيقاع بأكبر عدد من الإرهابيين ونجاة بعضهم أو استشهادهم جميعاً، لكنّ بشرف وعزّة وكرامة. ولم يكونوا - لولا مروءتهم وخوفهم على حياة الرُّكاب - سيقدمون أنفسهم بتلك الطريقة ل «جلال بلعيد المرقشي» ومن معه من السّفاحين، كي يذبحوهم وسط مدينة «حوطة حضرموت» ويتلذّذون بتعذيبهم وزهق أرواحهم أمام الأشهاد والاستعراض الرّخيص، بجزّ أعناقهم وإيصال رسائل طائفية ومناطقية كتلك التي تضمّنتها خُطبتيّ «بلعيد» في فيلم الخزي والعار الفاضح الذي قاموا ببثّه بعد الجريمة..
أمّا الذي نُريد التأكيد عليه هنا هو أن جنودنا الأبطال ليسوا بذلك القدر من الركاكة والاستسلام للقتلة وليسو بتلك الصورة التي حاول «القاعديون» تقديمهم للناس من خلالها. وجنودنا - أيضاً - ليسوا مذهبيين ولا طائفيين ولا مناطقيين ولا جنوبيين ولا شماليين ولا تهاميين، ولا حوثيون، فلا تعنيهم هذه التقسيمات أوالتصنيفات أوالفرز السخيف الذي حاول «بلعيد» أن يوهم البسطاء ويقنعهم به أو يؤسّس له.
إن الذي يجب أن يعلمه الجميع ويُحسن الظن به هو أن الجنود الذين يدافعون عني وعنك وعن أطفالي وأطفالك وأمني وأمنك وثقافتي وثقافتك ومدرستي ومدرستك وجامعي وجامعك وعِرضي وعِرضك ومدينتي ومدينتك وقريتي وقريتك وحريتي وحريتك وحقي في الحياة وحقك في الحياة هم قبل وبعد بشر ويمنيون بكل ما في الكلمة من معنى ودلالة، يمنيون أُصلاء من طينة هذا البلد بتعدده وتنوعه، ينتمون لخارطة كبيرة اسمها «الجمهورية اليمنية» بكل خلفياتها وأبعادها، ينتمون لتاريخ طويل جداً من الانتصارات والانكسارات والأفراح والأتراح والحضارة والتسامح، ينتمون لأهل اليمن أصحاب القلوب الطيبة والقوة والبأس الشديد.
اليمن في نظرهم ونظر كل شريف ومنتمي ستظلُّ أكبر من أي تقسيمات أوشعارات وأكبر من «أنصار الشريعة» و «أنصار الله» و «الحراك» والقبائل، والأحزاب، والشافعية والزيدية، والسلفية، وأكبر وأغلى من كل الرايات السوداء والحمراء والصفراء والخضراء، وكل ألوان ونعرات الطائفية والمناطقية وغيرها.
وتأسيساً على ما سبقت الإشارة إليه نعتقدُ، وبيقين جارف أن أبطال المنطقة العسكرية الثانية واللواء «35» وبقية وحدات الجيش المرابطة في سيئون والمكلا، ومعهم صقور الجو واللجان الشعبية وغيرهم قادرون على الانتقام لرفاقهم ال«14» ولليمن كلها، ولقيم الدّين وللإنسانية وللثقافة وللحب والسلام والتعايش.
وكلنا ثقة في أن المقاتلين الميامين من منتسبي الجيش والأمن سيجعلون من جريمة ذبح رفاقهم منطلقاً وحافزاً لتطهير البلاد من الإرهاب ودعاة الطائفية ومكتشفي القتلة وكل الذين يسعون في الأرض فساداً.
أما أبناء حضرموت الوادي من أدباء وعلماء وفقهاء روابط العلم والصوفية في تريم التي مثّلت عبر مئات القرون من تاريخنا الإسلامي اليمني منارة وقبلة للشرق والغرب، حيثُ نشر أبناؤها الدين الإسلامي والتجارة والعلم في جنوب شرق آسيا وأفريقيا وأصقاع الأرض فإنّهم مطالبون اليوم بالدفاع عن تاريخهم وإرثهم ومنطقتهم وحياتهم من خلال توعية الناس في الوادي والصحراء من خطر «الدّواعش» الذين سينتقلون قريباً - إذا ما تركهم المجتمع وفقهاء العلم والشريعة في تريم واليمن كلها، يمارسون القتل والخراب - لتدمير منارة ومسجد المحضار وقصور شبام وروابط العلم في تريم وخارجها، وسيقتلون العلماء والأدباء والفنانين وسينسفون الأضرحة والمدارس وكل المعالم التاريخية والحضارية والمقدسات الإسلامية وقيم التسامح والتعدد والوسطية، وهذا دون أدنى شك لن يقبله عاقل ولا عالم ولا حضرمي ولا يمني ولا جندي ولا مثقف ولا سياسي.
ونعتقد أن جميع العقلاء يدركون خُبث شعارات ومحاولات تحرُّك هذه العناصر على خطوط تقاطعات السياسة والمصالح والمناطقية المذهبية وغيرها من الملفات.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.