بينت اللقطات المنتشرة لفيديو الجريمة البشعة التي شهدتها حوطة أحمد بن زين التردي السحيق الذي تغور في أصقاعه الذات الإرهابية الصرفة التي تعشّش في قلب نمط التفكير الجمعي لجماعة “القاعدة”، في هذا الوقت، ودماءُ الجنود ضحايا هذه الجريمة الشنعاء لم تجف بعد، ظهرَ على وسائل الإعلام من يدعو إلى نهج الطريق الآخر في الحرب مع القاعدة ألا وهو “نهج الحوار”..! ولم أدرِ بعد كيف تتملك دعاة “الحوار مع القاعدة” تلك الجرأة ليطلقوا دعوتهم هذه؛ فالفجاجة هذه المرة ليست في الدعوةِ التي اعتدنا على سماعها من شخصياتِ لا تزال تتكئ على مدماك شكل قاعدة لفكر القاعدة؛ بل في توقيتها الذي لا يُراعي حرمةَ دماء الجنود الأبرياء التي تستلزم الثأرَ لها، لا محاولة التغطية على هذه الجريمة. يبدو أن دعاة الحوار مع القاعدة لم يختبروا بعد أن يوجد إسم عزيز عليهم في قائمة شهداء الجرائم الإرهابية التي تحمل بصمات “القاعدة”، أو أنهم قد ضمنوا أن يكونوا بمنأى عن جرائم هذه الجماعة الإرهابية. ثُمَ مَهلاً يا دعاةَ “الحوار مع القاعدة”، كيف ستحاورون القاعدة يا ترى؟. حقيقةً لم نتنبه بعد إلى أنكم تطلقون دعوتكم هذهِ دونَ أيةِ آلية تسيّر حواراً مفترضاً مع إرهابيين كأمراء أو أعضاء جماعة القتل القاعدي، لعل مردّ عدم إدراك هذه الحقيقة النسبية إلى هذا هو أنكم تستغلون ارتباك الشارع اليمني حين تقع جريمة إرهابية ما لتطلقون دعاوى جوفاء كهذه، الارتباك الذي لن يُتيح للشارع مساءلتكم عَمّا تدعون إليه. سأقف عند ما سبق كاحتمالية أولى؛ فالاحتمال الآخر يدعوني إلى الاعتقادِ أن دعاوى كهذه تُطلق لتشتيت الجهود حين تضيق الدائرة على “القاعدة”. *** من البؤس القفز إلى أحداث عمران حين يتعلق الأمر بمجزرةِ حضرموت. ربط سياق الجريمة، أو محاولة ربطه، بسياق آخر بعيد عنه يجر محاولاتِ يمارسها البعض لغرض احتواء دائرة الضوء العامة المسلطة على جرائم “القاعدة” ونشاطاتها، وحشر جماعة “الحوثي” في بيانات لإدانة مجزرة حضرموت يظهر هذه البيانات كما لو أن السخط الشعبي هو من أجبر مصدّريها على إطلاقهِ، وليست قناعاتهم الذاتية. إدانة انتهاكات الحوثي لها سياقها، أما ما ظهر في بعض البيانات الأخيرة فهو في حد ذاته يصنع المبرر، الذي يستعمله بالفعل إرهابيو القاعدة، وظهر وراءه الجميع في فيديو الجريمة الذي بثه التنظيم. إن التلعثم الذي ظهر عليه من أطلق تلك البيانات يكشف مجدداً تلك الارتباطات السرية لتلك الأطراف، التي وصفت عبر وسائل إعلامها سابقاً الحملة العسكرية على معاقل تنظيم القاعدة في محافظتي أبين وشبوة ب«الحرب العبثية». *** قد يكون المرء مبرراً لأفاعيل القاعدة الإرهابية من دون أن يدرك أن ما يتفوّه بهِ قد يبرر لجرائم إرهابية بتلك البشاعة، لكن تظل هذه الفرضية ضئيلة في ظل الحيطة الشعبية من الأفكار المتطرفة أو أي شيء قد يكون له صلةِ بها. [email protected]