للاصطفاف الوطني مفهوم واحد وواضح وهو تغليب مصلحة الوطن على ما عداها من المصالح وطي صفحة الماضي بكل ما تحمله من خلافات والتخلي عن لغة الحقد والكراهية والابتعاد عن المناكفات والمشاحنات السياسية والدعوات الطائفية والمذهبية والعمل بكل الصدق والمسؤولية من أجل الوطن.. والوطن وكفى.. وعلى هذا المفهوم يتفق الجميع ويلتقي الفرقاء، ويتم البدء بصياغة واقع جديد بعيداً عن الأزمات والصراعات.. إلا أن ما يؤسف له وفي هذه المرحلة التي نحن أحوج إلى تحقيق الاصطفاف والمصالحة الوطنية الشاملة نجد أن هناك من يريد أن يوظف هذا الاصطفاف لتحقيق مصالح حزبية ضيقة غير مستفيد من تجارب الأمس القريب.. إن دعوة رئيس الجمهورية للاصطفاف والمصالحة الوطنية نابعة من حرص كبير ومن قراءة دقيقة لما يعانيه الوطن وما يواجهه من تحديات، وأن لا مجال للخروج من الأزمات التي تعصف بالوطن إلا باصطفاف ومصالحة وطنية صادقة وشاملة وليس بغير ذلك... ومن هنا يجب التعاطي مع دعوة رئيس الجمهورية للاصطفاف والمصالحة الوطنية بمسؤولية بعيداً عن أية حسابات أخرى، وبعيداً عن أي توظيف سياسي من أي طرف كان.. الجميع اليوم أمام مسؤولية وطنية وعليهم أن يسارعوا لتلبية هذه الدعوة فعلاً وقولاً، وأن يدركوا مدى خطورة الوضع الذي تمر به اليمن ولا يقبل أي مراهنات أو مغامرات..، وأي محاولة للالتفاف على هذه الدعوة أو الذهاب صوب توظيفها لمصالح حزبية أو مذهبية أو طائفية ستزيد من الاحتقان وتؤدي إلى خلق المزيد من الصراعات التي نحن في غنى عنها.. ليس مفهوم الاصطفاف والمصالحة الوطنية أن تتحالف بعض الأطراف ضد أطراف أخرى، أو توجيهها لاستهداف البعض الآخر وفقاً لرؤى حزبية ومذهبية ضيقة.. فالاصطفاف الوطني أكبر من أن يحصر في هذه الدائرة الضيقة كما تريده بعض القوى.. نعم.. هناك من يريد استغلال دعوة رئيس الجمهورية وفقاً لمشاريعه وتوجهاته الضيقة، ونراه يعمل على الإضرار بهذا الاصطفاف قبل أن يتحقق أو تكتمل حلقاته.. وما تلك الشعارات التي تم رفعها والهتافات التي تم ترديدها في المسيرة الجماهيرية التي شهدتها مدينة تعز الخميس الماضي تأييداً لدعوة رئيس الجمهورية للاصطفاف والمصالحة الوطنية وتحقيق الأمن والاستقرار إلا تأكيداً على أن هناك من لا يؤمن بالاصطفاف ولا يريد أن تتحقق أي مصالحة وطنية.. لقد كشفت تلك الشعارات والهتافات التي كانت بعيدة كل البعد عن الهدف الذي خرجت من أجله تلك المسيرة أن مفهوم الاصطفاف لدى البعض ليس سوى اجترار الماضي، كما أسقطت الأقنعة عن الكثير ممن يتشدق بدعوات الاصطفاف والمصالحة..، وأن الغرض منها تحقيق مصالح حزبية على حساب المصلحة العليا للشعب والوطن.. كما أكدت تلك الشعارات أن أصحابها لا يزالون غارقين في مستنقع العدائية للآخر المختلف معهم ولا يقبلون بأي مصالحة وطنية معهم.. فعن أي مصالحة وطنية يتحدث هؤلاء؟!.. [email protected]