قد يتساءل البعض: أي حرب أقصد، هل حرب الحشود التي تُجمع طوال الأسبوع، وتنزل منددة أو مؤيدة للجرعة أم الحرب على القاعدة؟! أم الحرب على المؤامرات التي تُحاك ضد هذا الوطن الذي شارف على التشظي بل بدأ بالتشظي فعلاً؟. المقصود من “حرب يوم الجمعة” التي أعنيها هو حرب الخُطَب النارية التي تنطلق كل جمعة من منابر المساجد والتي تُعمق للفرقة وتروِج للطائفية والمذهبية المتعصبة والمتطرفة، للأسف علماؤنا لا رقيب لهم كلّ يؤيد فريقة ومذهبه ولو على حساب الثوابت. بعيداً عن التفاصيل وكُنَه الخطب النارية المتطرفة نتساءل: أين دور “وزارة الأوقاف” في الرقابة على خطباء المساجد؟! إن تجاهل ما يحدث سيكون له العواقب الوخيمة التي ستجعل منا عراقًاً آخر مُقَسم يبكي كل يوم أرواح تصعد إلى السماء تحت مبرر التكفير والطائفية. لم يعد اختلاف المذاهب رحمة بل أصبح نقمة عند ذوي العقول العقيمة والمتشدقة بالدين والتي لا تعي من الدين إلا تطويعه للحزب المظمور أو المعلن، دعاة الحرب في المنابر دعاة التعصب والتطرف، دعاة الدمار والتقسيم بحق الله.. يا وزارة الأوقاف امنعوا شرهم على هذا الشعب الذي خُطَب تذهب به يميناً.. وخطب أخرى تذهب به يساراً. وإذا كانت وزارة الأوقاف هي الأخرى تقف حامية ومؤيدة لهذه الحرب المستعرة فيجب على الدولة أن تقوم بواجباتها وتخرج هذه الوزارة من محاصصة مقيتة لم يجنِ منها الوطن سوى تقسيم الوطن وتعميق الكراهية واختفاء عنصر الكفاءات الذي كان الوتر الذي يلعب به رواد الأحزاب والجماعات ويلامس به وجع هذا الوطن المكتظ بالحزبية الأمية التي لا تعي معنى كلمة تعددية حزبية تعمل لأجل الوطن وتتنافس في تقديم برامجها الإصلاحية والتطويرية فيعم الخير وينهض الوطن. الأكثر ألماً هو أننا في غمرة كتاباتنا واعتراضاتنا وتنديدنا نعلم علم اليقين أن كل ما نكتبه سيذهب أدراج الريح ولن يصل إلى ملف المسؤول والجهة المختصة، ولكن براءة للذمة سنظل نكتب ونرفض سيطرة مجموعة من المتطرفين ومن يدّعون بأنهم علماء فتكون المنابر وسيلتهم لنفث سمومهم في عقول هذا الشعب الذي وصل به اليأس حد الاستسلام وحد الانتقام من أي شيء متشبثاً بآخر أمل له في العيش. نريد علماء دين.. وليس علماء فتنة.. نريد علماء ينشرون المحبة والتسامح ويكونون مراسيل للدين الإسلامي الذي أوشك أن يصبح إسلاماً آخر لا نعرفه ولم يأتِ به المصطفى صلى الله عليه وسلم. شظايا روح..! أيها الخطيب في المنبر.. لا تقتلني باسم الدين فتكون سبباً في شكّي بقداسته، لا تُحرّض على قتلي فأنا مسلم ولا تلدغني فتموت روحانية الإسلام من أعماقي.. وأرتد ضمنياً بكفري بما جئتم به، لا تجعلني أصل إلى قناعة أن إسلامي هو سبب في تسليط سيف الموت والتكفير والطائفية على رقبتي المسلمة.. بريء منكم المولى عز وجل والرسول وسيرته الحقة وغير المغلوطة والمحرّفة.