كم تشقى ببعض أبنائك العاقين الذين لايرون من وطنهم إلا مايحقق مصالحهم ويلبي مطالبهم ويشبع رغباتهم ويملأ جيوبهم وخزائنهم.. آه ياوطن.. ممن ولائهم لك مرهون بما يحصلون عليه من الغنائم فأنت في نظرهم شيك وشركات ومناصب وسيارات وفلل فارهة.. وإن شعروا أنهم فقدوا مايأملونه منك سقط ولاؤهم وبانت حقيقتهم وتحولوا إلى ذئاب تنهش في جسدك وتنشر الرعب في أرجائك وكانوا لك من أشد الأعداء وأكثرهم فتكاً بك.. آه ياوطن.. من أبنائك الذين يتسابقون لتمزيقك وتقطيع أوصالك انتصاراً لمطامعهم ولأحزابهم ولمذاهبهم وقبائلهم ومشائخهم وسادتهم وأسيادهم.. آه ياوطن.. من أبنائك الذين ينادون بالدولة المدنية ورائحة الدم والبارود تفوح من أفواههم.. وممن يدعون إلى الحوار وأصوات قذائف مدافعهم وأزيز رصاص رشاشاتهم تصم الآذان, ودخان الحرائق التي يشعلونها يملأ عنان السماء. آه ياوطن.. من ديمقراطية بعض أبنائك المشبعة بالديكتاتورية والتهميش والإقصاء ورفض الآخر ومن حريتهم المقيدة لمن يعارضهم أو يختلف معهم, ومن تسامحهم المتخم بالحقد والكراهية.. آه ياوطن.. من أبنائك الذين لايؤمنون إلا بآرائهم ولايرون إلا أنفسهم, باطلهم حق وحق غيرهم باطل يرفعون شعار المحبة والسلام وينشرون الموت والخوف والدمار أينما حلوا.. آه ياوطن.. من علمائك الذين تخلوا عن واجبهم الديني والتعريف بالإسلام الحق وقيمه وأخلاقياته ولهثوا خلف السياسة ودسائسها ومكائدها فضلوا وأضلوا.. فصار القتل والإرهاب وتخريب البلدان من أهم العبادات التي تقرب إلى الله زلفى وأصبح ذبح المسلمين والتنكيل بجثثهم جهاداً مقدساً في عقيدة المتأسلمين الجدد وأقرب الطرق التي توصلهم إلى الجنة كما يتوهمون. آه وألف آه ياوطن وتباً للملايين من أبنائك المصلوبين على جدار الصمت فاقدي الإرادة والمسؤولية الذين تركوا وطنهم فيداً مستباحاً لقطعان الإرهابيين وشذاذ الآفاق القادمين من وراء الحدود.. وتباً لأبنائك الذين رهنوا مستقبلهم ومستقبل وطنهم بيد زعماء الحرب ودعاة الفتنة وتجار الأزمات وقادة المليشيات المسلحة وفاسدي الضمائر من الساسة المهووسين بالسلطة والجاه والنفوذ.. وألف تب ياوطني للملايين من أبنائك الذين لم يحركوا ساكناً رغم وضوح الحقيقة أمام أعينهم وظلوا جامدين يراقبون بصمت البلهاء وطنهم يتسرب من بين أيديهم وينزلق بعيداً نحو متاهات التيه ومدارات الضياع..