عدم الانجاز والتباطؤ في اتخاذ الاجراءات من أعظم عوامل التذمّر والامتعاض الذي يحدث لدى المواطن، ولذلك فإن الإسراع في الانجاز والبوابة التي تدخل من خلالها الدولة إلى المواطن لإزالة مخاوفه وتبديد شكوكه واستعادة ثقته، على اعتبار أن الانجاز يلامس هموم وتطلّعات المواطن الذي بات اليوم أكثر حرصاً على المصالح العليا للدولة من النخب السياسية المتحكّمة في اتخاذ القرار، فلو أجرينا استطلاعاً بسيطاً واخترنا عينة بسيطة من النخب السياسية وفئة الشعب وبشكل متساوٍ وطرحنا التساؤلات المتعلقة بالحرص على مصالح البلاد العليا والاجراءات الكفيلة بحمايتها سنجد أن المواطن البسيط أكثر وضوحاً وحرصاً على الصالح العام ويحث الدولة على الاجراءات الصارمة الكفيلة بحماية تلك المصالح بلا هوادة، أما النخب السياسية المتحكمة فإن إجاباتها متلعثمة وتميل إلى التبرير والتسويق، وهذا يتضح من خلال المجالس الشعبية والتصريحات النخبوية. لقد أشرت في مواضيع سابقة إلى أن الوعي الشعبي بالحرص على تجميع عناصر القوى القومية للجمهورية اليمنية أكثر نضجاً ووعياً من النخب السياسية وخصوصاً الحزبية التي تميل إلى تغليب الولاء الضيق للحزب أو الجماعة أو القبيلة أو الفئة أو المذهب على الولاء الكلّي للوطن، وهنا تكمن المشكلة، لأن الجهل المركّب الذي تعاني منه النخب السياسية قد استفحل بسبب التنشئة الحزبية الضيقة والمغلقة التي تعتمد عليها القوى السياسية التي لا تؤمن بأهمية انصهار كافة الولاءات في الولاء الوطني الكلّي بسبب حسابات غير موضوعية وغير وطنية وإصرارها على الوقوع في الخطأ الدائم. إن ما يقدمه المشهد السياسي الملتهب اليوم في الساحة اليمنية يعد بياناً عملياً على أن العلة تكمن في التنشئة السياسية الضيقة والمغلقة التي قدّمت الولاء الضيق على الولاء الوطني وبرّرت ذلك لمكوناتها بحجج واهية أدت إلى حالة من عدم القبول أو حالة من عدم اللا مبالاة أو شدة التعصّب الأعمى الذي تولّد منه الغلو والتطرّف والإرهاب الأمر الذي يجعلنا نكرّر الدعوة إلى كافة القوى السياسية لإعادة النظر في أساليب وطرق التنشئة السياسية والعمل على تغليب الولاء الوطني على كافة الولاءات الضيقة والكف عن التبريرات الفاجرة للأعمال الفاجرة والعودة إلى جادة الصواب والعمل من أجل إعلاء شأن الوطن اليمني الواحد والموحّد من أجل الانطلاق نحو إعادة بناء الدولة وإعمار اليمن بإذن الله.