المواطن اليمني العادي بسيط بطبعه وتطبّعه، لا يهمه ما يعمله السياسيون وما تجلبه السياسة وما تقود إليه المفاوضات في وطنه بقدر ما يهمه نفسه وحاجياته المعيشية التي تعد لها الأولوية الكبرى في حياته، والمواطن اليمني أيضاً تواق إلى التغيير، ولكن هناك من يقف حجرة صماء عثرة أمامه تجعله لا يتجاوز مكانه قيد أنملة، وهذا يقودنا إلى سؤال محوري يفرضه واقع الزمان والمكان وهو: ماذا يطلب الإنسان اليمني في الواقع الحالي؟. قد تكون الإجابة واضحة للجميع، لكن هناك أشياء أهم يجب أن نطرقها في هذا المقام ومقدمتها أن نتخيل الإنسان اليمني طفلاً صغيراً في مقتبل العمر له حاجيات معيشية تطرح بقوة أمام الدولة أو الحكومة القادمة أو السلطات المحلية في جميع المحافظات اليمنية حتى يصل إلى أقرب الأماكن المحيطة به كالمنزل أو المدرسة، ولعل أغلب حاجيات الطفل في هذه المرحلة تتمثل بالأمن والأمان والاستقرار وتوفير المأكل والمشرب والملبس والكهرباء والتعليم والصحة والنظافة والعيش الرغيد. وعليه يمكن القول: إن نفس اليمني كالطفل إن أهمِل شبّ على ما كان متعوداً عليه، وإن أُخذ على يديه وتم الوقوف بجانبه وتم تدريبه وتشجيعه على تحمل المشاق والمتاعب وتم تعليمه التعليم الصحيح فلاشك أنه سينفطم وسيكون له موقف إيجابي وسيبتعد عن السلبية التي لا تورّث إلا الكسل والركون على الآخر كما قال الشاعر: والنفس كالطفل إن تهمله شب على حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم ومن هنا نستنتج أن اليمني في هذا الوقت العصيب بحاجة إلى ما يحتاجه الطفل ولكن بمفهوم أوسع؛ فهو بحاجة إلى أمن وأمان واستقرار بشكل أساسي؛ كي يقضي على الخوف الذي يتربص به في حارته أو مسكنه أو مدرسته أو جامعته أو وظيفته أو حتى في طريقه إلى عمله الوظيفي أو إلى عمله في مزرعته من قبل قطاع الطرق والجماعات الإرهابية التي تريد أن تقوم مقام الدولة في بعض المحافظات اليمنية؛ الأمر الذي أثر كثيراً على الاقتصاد الوطني وتم تشويه الدولة ورجل الأمن والجيش، ولذلك إذا تحقق الأمن والأمان والاستقرار سيختار اليمني ما يناسبه ويستمتع بكل ما حوله وسيزدهر الاقتصاد اليمني وسيرجع المغتربون إلى وطنهم وسيزداد رأس المال وسيأتي المستثمرون من شتى بقاع العالم. ومن جانب ثان اليمني بحاجة إلى ماء يطفئ لهيب عطشه ويجعله مرتاح البال بعيداً عن الجدب والبحث عن الماء وشرائه بأرفع الأثمان، ومن جهة ثالثة اليمني بحاجة إلى كهرباء تبعد عنه شبح الظلام؛ لأنه إذا انطفأت الكهرباء يحل الظلام ويفقد اليمني كل الأشياء المفضلة لديه ويفقد ما يريد عمله والتفكير له في عالم الإنارة والضياء، بحيث يتمنى أن يكون مبتسماً للحياة والكون بلا خوف من الظلام الدامس الذي ينغص عليه حياته، ومن جهة رابعة اليمني بحاجة إلى تعليم ينقله من عالم الفراغ والمجهول والغش والجهل إلى عالم الابتكار والوضوح والانطلاق والنور، وخامساً اليمني بحاجة إلى نظافة تجعله يسرح ويمرح في جو نظيف وأماكن مريحة بلا قاذورات وتجعله يشتم أجمل الروائح العطرية كنسيم الفجر أو عطر العروس، وسادساً اليمني بحاجة إلى التخلص من أشباح الجوع والفقر والمرض التي تقض مضجعه وتجعله نحيلاً مهزوزاً لا نائم ولا يقضان؛ لأنه بسبب الجوع والفقر يضطر اليمني إلى البحث عن مصدر رزق مهما كلفه ذلك من ثمن، وإن لم يجد سيلجأ إلى رذائل أخرى محرمة - لا سمح الله - مثل: التسول والقتل والسرقة والغش وشهادات الزور وغيرها، وبذلك يظهر مواطن متسول غشاش سارق وشاهد للزور من أجل ملء بطنه، والسبب الوضع الذي يعيشه، وبسبب المرض يتألم المواطن ويتمنى حبة دواء أو إبرة طبية تخفف عنه ألمه وتزيل عنه وجعه في واقع لا يرحم إلا من رحم ربي؛ لأن المرض قاتل خفي ولا حول ولا قوة إلا بالله. ختاماً اليمني بحاجة إلى الكثير والكثير من الأشياء الضرورية التي لا يتسع المجال لذكرها جميعاً؛ ولكن ما ذكرناه آنفاً يعد حاجات أساسية وغيضاً من فيض؛ لكي يعرفها كل من كان مسؤولاً عن هذا المواطن؛ لكي يتقوا الله تعالى فيه.. ووفق الله الجميع لما فيه خير الوطن والمواطن. [email protected]