كل إنسان يحب الرعاية والاهتمام كما يحب أن يعيش بأمان واطمئنان، والدولة يجب أن ترعى الناس وتهتم بهم وبمصالحهم كما يجب عليها أن تؤمّنهم في حياتهم، وعليه تتجلى إنسانية الدولة تجاه كل شرائح المجتمع ولا يتسع المقام في الإحاطة بهم جميعاً، لكن تجدر الإشارة إلى معرفة إنسانية الدولة تجاه الأيتام؛ باعتبارهم جزءاً لا يتجزأ من المجتمع، وعلى الدولة أن تحس بهم وترعاهم وتتألم لألمهم وتحزن لحزنهم. وقد يقول قائل : لماذا نفرد الأيتام بالذكر هنا دون غيرهم؟ أقول: إن شريحة الأيتام شريحة مهمة وبدأت تتوسع في المجتمع اليمني شيئاً فشيئاً؛ بسبب وفاة آبائهم في الآونة الأخيرة؛ إما أن تكون وفاة آبائهم وفاة طبيعية أو تكون بسبب الأوضاع التي تمر به اليمن، سواء كانت بسبب تردي الصحة أو أحداث القتل أو بسبب الحوادث المرورية وغيرها، الأمر الذي أدى إلى كثرة الأيتام وتوسعهم في المجتمع اليمني. ولا يخفى على الجميع أن هؤلاء الأيتام إما أن يكون عائلهم الوحيد الذي توفي موظفاً ويعود راتب الوظيفة إليهم، الأمر الذي يسد به جزءاً بسيطاً من يُتمهم ولا يفي بكل حاجيات الأيتام، وإما أن يكون عائلهم المتوفى عاملاً، الأمر الذي يجعل اليتم أكثر صعوبة ومأساوية، وخاصة إذا خلّف الميت أكثر من عشرة أبناء معظمهم صغار، وما أكثرهم!!. ومما يحزن ويبكي أن نرى مؤسسات تنموية أو جمعيات خيرية يمنية خاصة تفتح ذراعيها للأيتام وتتعاون معهم وتروّج لهم وتساعدهم وتأخذ على أيديهم حسب القدرة والاستطاعة، والدولة مغمضة عينيها عنهم، وكأن هؤلاء الأيتام ليسوا من المجتمع وكفالتهم خاصة بالمؤسسات أو الجمعيات الخيرية الخاصة فقط وليس للدولة أية مسؤولية تجاههم، وبدلاً من أن تبادر الدولة في البحث عنهم وكفالتهم تغض طرفها وكأن الأمر لا يعنيها، وهذا يجعلنا نتساءل بمرارة: هل إنسانية الدولة تكون بتلك الطريقة؟ وأين إنسانية الدولة الحقيقية التي تجعلها تبحث عن الأيتام الذين فقدوا آباءهم وليس لهم مصدر رزق يسد به رمقهم؟ وأين إنسانية الدولة تجاه أيتام شرّدوا وأيتام يموتون ليلاً أو نهاراً بسبب الجوع والفقر والمرض؟. وأين إنسانية الدولة تجاه الأيتام الذين فقدوا آباءهم غير الموظفين وفي نفس الوقت كانوا صغاراً لا يقدرون على العمل وطلب الرزق وفي نفس الوقت يبتعدون عن كثرة السؤال؟. إن إنسانية الدولة تجاه الأيتام تتمثل في نقاط عدة، نذكر منها الآتي: استشعار المسؤولية والأمانة تجاه الأيتام بالبحث عنهم وعن أسرهم وجبر ضررهم والنفقة عليهم، إقامة جمعيات خيرية أو مؤسسات تنموية حكومية تابعة للدولة تختص بالأيتام وأسرهم ورعايتهم وتأهيلهم وتدريسهم وتدريبهم وتعويض النقص الذي يمر به اليتيم في حياته تحت قيادة وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وإدارة أناس مشهود لهم بالأمانة والنزاهة والخير، وإن لم تستطع تلك الوزارة فمن جانب إنساني يجب على وزارة حقوق الإنسان أن تستشعر ذلك وتجعله نصب عينيها ومن ضمن أولوياتها، ومن النقاط أيضاً تزويج الأيتام، وإقامة علاقات إقليمية ودولية مع الجمعيات الإقليمية أو الدولية باسم الدولة اليمنية هدفها كفالة أكثر عدد ممكن من الأسر والأيتام، ومنها أيضاً احتضان الأيتام وخاصة الذين فقدوا آباءهم وأمهاتهم معاً، وبناء مساكن لهم، وتربيتهم ليكونوا مواطنين صالحين بدلاً من التشرد والضياع، وغير ذلك من النقاط التي تصب جميعها في بوتقة إنسانية الدولة تجاه شريحة الأيتام. أخيراً يكفي الشعب اليمني فقراً وجوعاً ومرضاً ويُتماً وبطالة، وحان وقت البناء ومكافحة الفقر والمرض والجوع واليُتم، بتعاون الدولة مع المجتمع، وتعاون الإنسان مع أخيه الإنسان سواء كان يتيماً أم غير ذلك، لتظهر روح الأخوة التي قال فيها الله سبحانه وتعالى: (إنما المؤمنون إخوة)، وقول الرسول – صلى الله عليه وسلم: (المؤمن للمؤمن كالبنان أو البنيان يشد بعضه بعضاً)، ولتكن مسؤولية الدولة تجاه أبنائها الأيتام وغير الأيتام مسؤولية منطلقة من حديث الرسول – صلى الله عليه وسلم – (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته...). وبالله التوفيق. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك