تساقُط منظومة الأخلاق المجتمعية نتاج كارثي من نواتج عبث السياسة على هذا الواقع الحياتي البائس, نتاج مروّع ينبئ بالعديد من الكوارث التي بتنا نعيش أحداثها يومياً على مستوى الحياة اليومية القريبة منا ,وعلى مستوى التعاملات الفردية والسلوكيات المتداولة بين أوساط البسطاء. واقع جديد يهدد السلم المجتمعي بالكثير من الجرائم بسبب نشوء تفكير جديد لدى بعض الناس وهو التمرد الهمجي والإفراط باستخدام القوة الهمجية والسلاح والقتل لأتفه الأسباب ,وذلك يمثل قفزاً صارخاً على كل القيم الأخلاقية والقبح الفاضح في التعامل بيننا كشعب, بحيث بتنا نلمس إعلاء قيم البطش في السلوكيات, وبذاءة المبادئ التي صارت سائدة وأبعدتنا عن مبدأ تعايشنا في مجتمع تسوده المودة والتراحم، فثمة توجّه وقناعة مدمرة عند الجميع هي وجوب أخذ الحق بقوة السلاح وكيفما كانت النتائج بقاعدة( اقتل, اذبح, انتهك, لا يهم مقابل أخذ حقك). لا نبالغ إن قلنا أنه لم يسقط المجتمع أخلاقياً إلا من بعد سقوط الساسة أيضاً أخلاقياً بعد تنازلهم عن قيم الولاء الوطني لمصلحة التضاربات المصلحية ولعفونة المناصب المقيتة, وباتوا لا يألون جهداً في صرع خصومهم كيفما كانت الوسائل, فالغاية المتقيحة تبرر الوسيلة الأكثر قبحاً وتقيحاً, ويتباهون ببيع بلدهم بثمن بخس.. وضعٌ بات يشكّل خطورة جديدة على الواقع اليمني المُنهار والمستقبل القاتم بشكل عام, ويحتّم على الجميع استشعار المزالق الخطيرة التي بتنا نعيشها وباتت تهدد وجودنا على هذا البلد. فلم يكن الهدف من كل ما جرى خلال السنوات الماضية أن نتحول لكائنات قبيحة جاءت من العصور الحجرية, نخترق القانون ونأكل لحوم بعضنا ونغّير أحوالنا للأقبح والأشد بشاعة, بل أن نرسي مبادئ القانون على الكبير قبل الصغير لا أن نكون أول من يتعداه ويخترقه بصلف مفرط وبتمرد ماجن, أن نجعل الوطن عالياً فوق رؤوسنا لا أن نرديه قتيلاً مجندلاً تحت ثرى المارقين. لا يجب علينا كشعب أن نجعل سقوط السياسة أخلاقياً ووطنياً مثّلاً نقتدي به, بل أن نكفر بها ولا نسيّس حتى أخلاقنا ومبادئنا وتراحمنا كشعب له نفس المعاناة والقهر العظيم, وله نفس الآلام التي تفرض علينا أن نكون أكثر تراحما لا أكثر فتكا يبعضنا البعض. لنتخطى منطق القبح والقتل لمبدأ السلم والتعايش ونعيد التآلف الروحي والنفسي الذي تربينا عليه في هذا الوطن الغالي كي نتعافى إنسانياً, لنترك مزالق السياسة وتوحشها كي لا تؤثر علينا كبني آدم مُحرم علينا أكل لحوم بعضنا نيّة كما يفعل الفرقاء السياسيون، حينها فقط سننجو. [email protected]