اليمن عبر التأريخ لم يكن إلا يمناً واحداً جغرافياً على الأرض أو وجدانياً وعاطفياً في قلوب اليمنيين . كان اليمن موحداً في عهد سبأ وحمير ومعين مع فترات تمزق محدودة وقليلة وكذلك كان موحداً في عهد النبي الكريم والخلافة الراشدة والدولة الأموية وشطر من الدولة العباسية ثم قامت حركات يمنية تريد الاستقلال من العباسيين فقام العباسيون بتقسيم اليمن على أكثر من والٍٍ منعاً للاضطرابات وتحقيقاً لسيطرة الدولة العباسية على اليمن جميعه ليطبقوا بذلك نظرية ، وإذا افترقن تكسرت آحادا . وكان اليمن أيضاً موحداً في عهد الفاطميين والصليحيين إلا من أجزاء صغيرة في الأطراف - مستفاد من كتاب التأريخ العام لليمن للمؤرخ اليمني محمد يحيى الحداد - ومع كونه موحداً لا يعني أنه لم يكن يعاني الجور سواءً قبل الإسلام أو بعده في عهد الدول التي تعاقبت على حكم اليمن إلا أن اليمن وجدانياً لم يكن إلا واحداً في قلوب اليمنيين . وفي التأريخ المعاصر قامت ثورة سبتمبر الظافرة لتتصدر قائمة أهدافها بهدف مشترك لكل اليمنيين وهو التحرر من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتهما، حضور هذا الهدف وهذا الهم اليمني المشترك في عقول وقلوب الثوار الأماجد منذ اللحظة الأولى- وفي وقت عصيب جداً في ظل الاستبداد البغيض في الشمال والاستعمار اللعين في الجنوب - دليل كبير على وحدة القلوب ، والعقول العظيمة التي كان يملكها ثوارنا الأبطال في جنوب الوطن وشماله . نستطيع من خلال قراءة بسيطة لهذا الهدف أن نعرف أنهم ما كانوا يعترفون بدولتين على ثرى الوطن الطاهر، كانوا يرون هذا التمزق وضعاً استثنائياً لن يطول لذلك انتصروا انتصارات سريعة في أوقات قصيرة جداً وبإمكانات بسيطة جداً وما تلك الانتصارات العظيمة إلا لإيمانهم بعدالة القضية التي حاربوا من أجلها الاستبداد والاستعمار وبحبهم وانتمائهم الحقيقي لهذا الوطن ، انتصرت ثورة سبتمبر لتلحقها بعام واحد أكتوبر المجيدة لتسجل دليلاً حياً على وحدة المصير ووحدة النضال والهم اليمني المشترك . كثيرةٌ هي الجنايات التي ارتكبها ويرتكبها الفاسدون بحق الوطن جنوباً وشمالاً وشرقاً وغرباً لكن يكاد يتفق العقلاء أن الموقف السليم هو محاسبة الجُناة لا محاسبة الوحدة والشعب الذي اتجه نحو الوحدة بكل فرح وسرور وغبطة . الجيل الجديد والذي يُمثل أغلبية المجتمع اليمني هو جيل الوحدة وبات من الصعب جداً أن يستوعب أي فكرة تدعو إلى شق الصف وتمزيق الوطن ، على أن هذا الجيل أيضاً ما إن عرف الوطن حق المعرفة وعرف الظلم الذي حل بالوحدة حتى خرج منادياً برفع الظلم ورد الحقوق ومحاسبة الجاني ، هذا الجيل هو الذي يُعول عليه في بناء اليمن الاتحادي ورفع العلم عالياً ، علم الوحدة الذي لم يعرف غيره ولم يعشق غيره. قيمة عظيمة كالوحدة لابد أن تكون حاضرة في قلوبنا وأذهاننا فالعالم يتعملق أكثر ويتكتل أكثر وكلما كنتَ كبيراً في هذا العالم كانت مسؤلياتك أكثر وبالتالي يكون الخطر عليك أكبر وهنا أدعو العقلاء في هذا الوطن أن أنقذوا ما تبقى من الوحدة وردوا الحقوق لأهلها ولا تفجعونا بالوحدة التي تربينا عليها وأحببناها كثيراً ولا تحرموا شمالنا من عدن الأممية ولا جنوبنا من صنعاء التأريخ والحضارة . [email protected]