في ظل المتغيرات يتطلب العقل لتحقيق التلاحم الوطني وتنحية كل وسائل التوترات التي تُصعد من الشقاق وتفرّق الصف، أما الاستمرار على خطى العمى السياسي فلن يخلو من وقوع الجميع تحت طائلة الخسارة وإن بدت في صورة المكاسب الآنية. ما يجب أن يُطرح من مخرجات رؤى من قبل الأحزاب والمكونات السياسية والمدنية، وبالضرورة الوطنية أن تكون لها أبعادها الإيجابية والمدروسة فعلاً خارج الإطار الحزبي والمصلحة، فالأحزاب هي المكون الحقيقي وما يترتّب عليها من قصور في الرؤية السياسية يبدو ذلك على وجه الوطن وفي حالة البناء هو بناء فاعل يحقق مصلحة مستديمة ومستقرة لكافة الأوضاع فيمكنها أن تكون حالة بناء أو هدم. اليوم ونحن أمام مسؤولية كبيرة تحثنا على الإسراع في استيعاب ما يُحاك للوطن ولكل المكونات الوطنية، ولا يمكننا إدراك ذلك إلا بوطنية محضة ذات انتماء حقيقي، ومن هنا ما حدث على مراحل الحياة السياسية بكل أخطائها وخيباتها لا يجب أن يظل ناقوس تذكير مأسوي أو فتيل إشعال لتأجيج غضب الماضي وأحداث الحاضر، فإن يكن فلن نخطو خطوة واحدة نحو التقارب والتوافق ولن يُمكننا أن نعرف ما يجب فعله وما يترتب عليه. لهذا تناسي الماضي وتجاوز سلبيات الحاضر لأجل تغليب مصلحة الوطن هو الفعل الصائب الذي لا يؤول بأي تفسير آخر في نظر الرؤية الإنسانية المجردة، وتماهي الرؤية السياسية ذات المعاني المتعددة في خلق جو من الاستقرار هو الجانب المنشود والناصع في تصحيح المسار والتوافق. الوطن ليس مكاناً لزرع الأحقاد، وحشد أدوات القتل والدمار، لكن الوطن ساحة حب، وفضاء متسع للإخاء والتصالح، وتغليب لغة العقل على لغة القتل. نحن بحاجة ماسة لخطاب الحكمة في كل منابر الحديث والحوار، وإيجاد قاعدة مشتركة للتحلّي بكل القيم الوطنية وقيم الفضيلة البناءة. الأواصر المقطوعة بين المكونات السياسية والحزبية جراء أيديولوجيات قاصرة فرضها الماضي المعتل بنهم المصلحة الدونية، والتسلط الأوحد، وابتلاع الآخر لا تخدم مكون البقاء لأي طرف كان، ووضع فشل الماضي جانباً نجاح لليوم، وتعثر اليوم انتصار للغد، وانتصار الأحزاب على مصالحها انتصار للجميع وللوطن. لا يمكن أن تتفق الأحزاب وما وراءها من خلفيات سياسية أو عسكرية على التوافق وتحقيق الشراكة السياسية مالم تكن صفحات القلوب خالية من الأحقاد ومن كل ضغينة سياسية أو خلل إنساني، وإن بدا وجه الشراكة سهلاً وممكناً، لكن سيحالفنا الفشل عندها مرات ومرات وسيثبت القادم مدى الخطأ الذي بُني على أسس غير حقيقية للشراكة السياسية بافتقادنا للمصالحة الوطنية أولاً. [email protected]