بعد مخاض عسير، وبعد مشاورات واتفاقات كان آخرها اتفاق السلم والشراكة الذي أفضى إلى اتفاق تشكيل الحكومة من الكفاءات التي تمتلك القدرة على تسيير أمور الحكومة بكل اقتدار وشفافية؛ تشكّلت الحكومة من كل الأطياف ومن مختلف محافظات البلاد، ولم ينظر في ذلك إلا فيما اتفق عليه وهو الكفاءة والنزاهة. وعند سماع الشعب تشكيلة الحكومة؛ بدأ يستعيد أنفاسه ويستجر القليل من الهدوء باعتبار ذلك هو المخرج الآمن للواقع والوضع الذي تعيشه البلاد، وهي الحقيقة التي لا جدال فيها، حيث إنها ستملأ الفراغ الذي كان قائماً منذ أشهر قليلة. لكن ما أريد قوله هو إن هذه الحكومة، والتي أشفق عليها لأنها ورثت كمّاً هائلاً من المشكلات والتحديات من أهمها التحدّي الاقتصادي والأمني والإداري وحتى الاجتماعي؛ لأن البلاد وصلت إلى حالة من الفشل والانهيار جرّاء المشاكل التي واجهتها خلال الشهور الماضية، ومن الغريب هو أن البعض من المكوّنات والمحلّلين يحكمون على أداء الحكومة حتى قبل أن تؤدّي اليمين الدستورية أمام رئيس الجمهورية، وهم يدركون جيداً الأخطار والكم الهائل من المشكلات؛ إلا أنها بالإرادة القوية والصلبة ودعم المكوّنات والأحزاب والجماعات وعموم الشعب قادرة على أن تتغلب على كل الصعاب وتنجو بالبلاد إلى شاطئ الأمان، ودون هذا التعاون والدعم لا يمكن لأية حكومة مهما كانت قدرتها أن تخطو خطوة واحدة في سبيل إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وستظل البلاد تتخبط ولن تهتدي إلى أي طريق يوصلها إلى البر.. أقول هنا إنه إذا ظلّت المناكفات والمكايدات والعمل من أجل الأحزاب والجماعات والمناطق والتخلّي عن مصالح الشعب والوطن، والعمل على إفشال الحكومة لغرض في نفس يعقوب، فإننا جميعاً سندخل في دوامة وفي نفق مظلم لا يعلم الخروج منه إلا الله. يا هؤلاء، يا من تريدون وضع المطبّات والعراقيل وخلق الفوضى وإفشال مسيرة الوطن، اعلموا أن السفينة ستغرق بالجميع ولن يفكّر أحد أنه سينجو لوحده، نقول لمثل هؤلاء ممن استهووا عرقلة مسيرة الوطن: عودوا إلى أنفسكم وحاسبوها، وعودوا إلى الله فيما تفعلون ببلدكم وشعبكم، وإنكم في الأخير محاسبون، واثبتوا حسن نواياكم لشعبكم، واعملوا على دعم الحكومة الجديدة فهي ليست مخلّدة بل محدودة الزمن وستتوالى الحكومات. فالبلد تعيش مرحلة استثنائية تتطلّب من الجميع تناسي الماضي والارتقاء بالوعي الوطني إلى مستوى خطورة المرحلة التي تمرّ بها البلاد، وعلى الكل أن يدرك أن الشعب اليمني قد وصل إلى مرحلة متقدّمة من الوعي وأصبح يميّز من يعمل لأجله ومن يعمل ضده وضده مصالحه. الشعب لا يستطيع أن يتحمّل أكثر مما تحمّله من الآلام والأحزان أسبابها نفر من أبناء هذا الوطن، لذا على الجميع أن يتحلّى بالحكمة والوطنية، وأن يعطي فرصة للحكومة لتؤدّي عملها، ولا يمكن أن تنجح إلا بالتفاف ودعم الجميع. ولا شك هنا من أن الحكومة الجديدة فيها من الكفاءات والنزاهة ما يمكنها من أداء دورها، أما إذا كانت العرقلات قد وضعت وأعدّت مُسباقاً؛ فماذا ننتظر أن تعطيه الحكومات..؟!.