تجد المرضى اليمنيين ينفشون في مشافي العاصمة الأردنية عمّان مثل الغنم بلا راعٍ، حيث تجد بعضهم من الرجال والنساء والأطفال بثياب رثة، وقذرة ولا يسلم الناس من ضجيجهم. الأطفال يتزحلقون في الممرات المبلّطة التي تشبه صرح النبي سليمان الممرّد من قوارير الملكة اليمنية بلقيس لجّة من فضة لمّاعة، وآباؤهم وأمهاتهم ينادونهم بأصوات كما راعي الغنم الحريص على زرع غيره منها فيمنعها منه، ومن المخيّب للآمال أن السلطات اليمنية في المطارات والجوازات والجنسية ومنذ سنين طويلة لم تأخذ بالنداءات الصحيحة التي توجّهت بالرجاء أن يبلّغ كل من يعتزمون السفر إلى الأردن ومصر والعراق وسوريا بتحرّي النظافة في الملبس والهدوء في حالات الوصول والمغادرة، وفي العيادات الطبية والمطاعم والشوارع، لأنه كلما تعاقبت السنون ازدادت سمعة اليمن سوءاً. فلا تكاد تجد مشفى أو عيادة خاصة إلا واليمنيون فيها أكثر من أبناء البلاد، وقد تضاعف سفرهم إلى الأردن بالتحديد بعد التطورات السياسية التي حملت إسم الربيع العربي رغم أن ثمار هذا الربيع جاءت كلّها حامضة ومُرّة كالعلقم على الشعوب المنكوبة بأحزابها وسياسييها ووجهائها الذين ثبت أنهم لا يسعون إلا لمصالحهم فقط، فتعاظمت ثرواتهم وتوسّعت تجاراتهم غير المشروعة تحت سمع وبصر المواطن الذي لا حول له ولا قوة ولا جرأة يحذر بها من التمادي والفجور بحقه وبحق الوطن الذي يتكلمون باسمه. وفي السابق كان يُقال إن عدم وجود مشافٍ حديثة في اليمن تجرى فيها عمليات جراحية دقيقة للقلب والسرطان وزرع الكلى والكبد والعيون والمفاصل مثل مشافي الأردن ومصر والعراق وسوريا والسعودية التي يأتي إليها أبناء الدول العربية الأخرى، لكن في صنعاء توجد الآن مشافٍ فيها كل التخصصات، أما في تعز فمن يدخل مشفى اليمن الدولي فلا يكاد يفرّق بينه وبين مدينة الحسين أو مستشفى الأردن أو المشفى الإسلامي في عمّان العاصمة، فرقاً واسعاً في تجهيزات ربما تضاهي ما هو موجود الآن في مشافي الغرب، والكادر الطبي اليمني يقوم بواجبه بكفاءة في المشافي الخاصة والحكومية إلا القليل من العناصر غير اليمنية والإقبال على هذا المشفى يبدو كثيفاً ومن عدة محافظات يمنية خاصة المجاورة. إذاً هل كثرة الأمراض والمرضى تفوق طاقة ما يزيد عن المشافي الجديدة التي يحتمل أن تظهر في المستقبل وأنه لم يعد يسافر إلى مصر والعراق وسوريا إلا القليل من المرضى اليمنيين بسبب الاضطرابات هناك وتحوّلوا واتجهوا نحو الأردن هذا البلد الذي جل استثماره ثلاثة مجالات، الطب، السياحة، التعليم، ومن خلال ما رأيت أعتقد أنه لا يوجد فيه أطباء أجانب ذكراً أو أنثى وفي كل التخصصات. لعلمكم: واحد راكب كان يمضغ القات بجواري في الطائرة أثناء العودة بطريقة مريبة خِلت معها أنه مُختل، وانتقل إلى كرسي آخر للتدخين محاولاً إخفاء ذلك بنفس الحركات مما يدل ْلى أنه أحضر القات “مدقوقاً” وعمل للعودة حسابها، مع العلم أنه كان أنيقاً في مظهره، وما هو إلا كالحمار الذي يحمل أسفاراً.