تعالت وتيرة الاغتيالات والتفجيرات والثأرات السياسية؛ وبالتالي زادت برصة القتل في سوق الدموية السادية وفي مزاد الإرهاب الذي تمدّدت مخالبه من أقصى اليمن إلى أقصاه, حتى بلغت حدّها الأقصى في حاضر دموي مرعب بوجود كائنات تهوى الانقضاض على دماء الأبرياء وامتصاصها حتى النخاع. وفي ظل هكذا واقع دموي مازال الدم اليمني يواصل جريانه حتى بلغ الزبى ومازالت الأجساد البريئة تتساقط والأرواح تتصاعد إلى بارئها بوجود واقع سياسي مضطرب محاط بأعاصير فتن وتمزقات وانقسامات سياسية راح ويروح ضحيتها كل ثانية المئات بل الآف من اليمنيين بمختلف أطيافهم وانتماءاهم السياسية والاجتماعية والعسكرية سواء من مواطنيين أم أفراد أمن أو ضباط أو غيرهم ممن ينتمون إلى تراب اليمن الحبيب؛ وكأن دماءهم لا قيمة لها أو ثمن ولا يوجد حتى اللحظة من يقتص لكل تلك الأرواح التي اغتيلت وأُريقت دماؤها ظلماً وعدواناً من عصبة من المجرمين لا يعرفون في النفس المحرمة إلّاً ولا ذمة استطاعوا استغلال الأوضاع المضطربة في نشر الهمجية والموت. صارت حياة اليمني للأسف الشديد رهينة للصراعات السياسية والقبيلة والطائفية، وضاع وسط هذا المعترك المرعب واغتال كل بارقة للنجاة جعلته يفقد ثقته في إمكانية الوصول إلى حلول قريبة تخرجه من بوتقة الموت، وكلما أمسك بخيط نجاة سواء من اتفاقات ومؤتمرات سريعاً ما يجده مجرد مداد حبر مسطّر على ورق ومن الصعوبة بمكان أن يخرج من الورق إلى أرض واقع كله بوازيك وقذائف تمشي على الأرض وعقول مازالت أيديها ممسكة بزناد الموت وتصر على جعل اليمن تنتقل من هاوية الموت إلى درك الهلاك. الدم اليمني راح ضحية معترك سياسي أشد شراسة وأشد نتانة وأشد قبحاً، وراح ضحية اتفاقات في ظاهرها الرحمة وباطنها مؤامرات ودسائس ومكر عظيم, ولا وجود لمن يطالب بالقصاص له لا من دولة ولا مؤسسات عسكرية ولا من وجاهات دمّرت اليمن وقادته إلى تناحر وثأرات يذهب ضحيتها الأبرياء وتنتهك كرامتهم أحياء وأمواتاً على مشانق موت مازال يشتد أوارها وجحيمها وتطالب بالمزيد من الضحايا الأبرياء. من بين كل أدخنة الموت هذه، ومن وسط نكهة الاغتيالات؛ نريد أن نعرف هل بقي للدم اليمني ثمن أو قيمة، وكم هو ثمنه أمام صلف هذا المعترك السياسي الهمجي، وإلى متى ستظل الانتهاكات مستمرة على أرواح يمنية تُغتال ظلماً وعدواناً، ومتى ستنتصر الدولة لهذه الدماء الزكيّة والاقتصاص من كل مجرم وإرهابي وعابث تلطخت يداه الماجنة بدماء اليمنيين الطاهرة؛ فهم ليسوا أكبر من الدولة وليسوا أكبر من الوطن الذي مازالوا يعيثون فيها تدميراً وفساداً..؟!. رحمة الله تغشاكم جميعاً يا شهداء الوطن، وأسكنكم فسيح الجنان.