التطوُّر الهائل في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات الذي عمّ بلدان العالم الغربية والشرقية وأحدث هذه الطفرة التكنولوجية التي يشهدها العالم في مختلف المجالات التنموية؛ لابد أن يكون دافعاً قوياً لانطلاق اليمن لمواكبة هذا التطوُّر؛ وذلك بالطبع يتطلّب اتخاذ خطوات مهمّة في هذا الاتجاه العلمي المعاصر؛ أهمها إعداد البنية الأساسية المتينة لتقنية المعلومات، وتيسير نقل وتطبيق المعلومات والبيانات في جوانب الحياة المختلفة كالتعليم والتطبيب عن بُعد والتجارة عبر الإنترنت وجميع مجالات المعرفة. وهذا بالطبع يمكن تحقيقه من خلال توسعة شبكة تراسل المعطيات، وشبكة الانترنت، إضافة إلى ضرورة إنشاء الشبكة الذكّية؛ لكي يمكن استيعاب كل تطوُّر ذي أهمية في هذه المجالات التكنولوجية سواء مجال الاتصالات أم التقنية المعلوماتية. ومن الأسس المهمّة لهذه العملية التنموية؛ توسعة البُنية التحتية للاتصالات وتحديثها وتعميم هذه الخدمة الحيوية على كامل الأرض اليمنية؛ كل تلك الخطوات ستسهم بالتأكيد في الإعداد المناسب للمجتمع اليمني وتهيئته لاقتحام عصر المعلومات بثقة وثبات على مختلف المستويات، إضافة إلى خلق لغة مشتركة بين الشعوب وفقاً للمستجدات الحديثة في لغة الحوار والتخاطب في مختلف الدروب. وهناك عوامل داعمة للتطوُّر والتحديث في هذه المجالات منها ما شُرع في تنفيذه ضمن مشروع البرنامج الوطني لتقنية المعلومات أحد المشاريع الاستراتيجية ذي الأهمية المستقبلية الذي ننتظر استكمال مراحله المتبقية لما سيحدث من نقلة نوعية نحو عصر التكنولوجيا والمعلومات، وأهم أهدافه رفع كفاءة الأداء ورفع مستوى الفاعلية والكفاءة الإنتاجية للأجهزة الحكومية والقطاعات الاقتصادية خاصة كانت أم حكومية، إضافة إلى تحسين أداء المؤسّسات المالية؛ ونمو العائدات الاستثمارية في مختلف المشاريع والقطاعات عبر إعادة استخدام التكنولوجيا وقواعد البيانات، كما يمكن من خلال هذا البرنامج الوطني إبراز اليمن بشكل جديد لتشجيع السياحة والاستثمارات وكذلك تمكين الحكومة من تبادل المعلومات مع غيرها من الحكومات. ويظل استكمال إجراءات حجز المدار الفضائي والدراسة الجادة لإطلاق قمر اصطناعي يمني من المشاريع المستقبلية المجدية؛ وبذلك يمكن إنشاء مركز للاستشعار عن بُعد الذي يكتسب الأهمية من خلال إمكانية الاستفادة منه في الأغراض المدنية والتنموية كتوفير المعلومات الجيوفيزيائية والمعلومات المتعلّقة بالظواهر والثروات والموارد الطبيعية، ومنها الاستكشافات النفطية والزراعية والمعدنية.. وعلى نفس المسار وفي ذات الاتجاه المعلوماتي ونشر الوعي التكنولوجي؛ لابد من التذكير والتأكيد على أهمية توسيع مشروع الحاسب الآلي؛ وضرورة تيسير حصول المواطن عليه بأسعار مخفّضة وشروط ميسّرة عبر إشراف وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات على هذا المشروع بصورة مباشرة، والمساهمة في تنفيذه لضمان انتشار الحاسب وتعميم استخدامه، وعندما يحوز هذا المشروع الحيوي المهم على اهتمام ودعم الدولة قيادة ثم حكومة؛ فلابد أن ينجح وتتحقّق أهدافه المعلومة في إطار خططه المرسومة. ولهذا يجب اتخاذ عدد من الإجراءات اللازمة لتحقيق النجاح المنتظر وأهمها إعفاء مستلزمات وأجهزة الحاسب من الرسوم الجمركية والضرائب؛ مساهمة في تخفيض أسعارها وتشجيعاً لاقتنائها بحيث تكون في متناول أي فرد من أفراد المجتمع اليمني وذلك أهم إسهام وطني. الأمر الآخر الذي يشكّل ركيزة أساسية ويعتبر من أهم عناصر النجاح الرئيسية هو إضافة برامج الحاسب الآلي إلى المناهج الدراسية سواء في مرحلة التعليم الأساسي أم في المرحلة الثانوية، وتعميم استخدامه بشكل أكثر فاعلية في الجامعات اليمنية لتربية وتعليم الجيل المعاصر من الأطفال والشباب وفق المقتضيات العصرية في عصر العلم الحديث والثورة التكنولوجية الذي أصبحت فيه علوم الحاسب هي الأبجدية لمختلف المجالات العلمية؛ إضافة إلى أهمية التوسُّع في استخدام الحاسب الآلي بجميع الوزارات والمصالح بشكل أكبر مما هو عليه في الوقت الحالي لضمان سرعة إنجاز المهام كسباً للوقت وتحقيقاً لمصلحة الوطن والمواطن بدقة ونظام.. ولكي تتسع القاعدة الجماهيرية لاستخدام الحاسوب؛ لابد من تشجيع القطاع الخاص بالشكل المطلوب ومنحه التسهيلات المناسبة لإنشاء المعاهد المتخصّصة لتعليم الحاسب الآلي في مجالي البرمجة والهندسة، وقبل هذا وذاك يجب أن يحظى المبدعون بالتشجيع والرعاية والعمل على دعم إبداعاتهم وابتكاراتهم؛ فهم أحق بالعناية لأنهم أساس الانطلاق لمواكبة عصر العلم والتكنولوجيا المتطوّرة في مختلف مجالات الحياة، فالإنسان المبدع دائماً هو رائد كل تطوُّر في أنحاء المعمورة. وبناءً على ذلك فالمشروع الوطني لتقنية المعلومات والاهتمام بقطاع تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات وتوسيع استخداماتها وتعميم فوائدها ومردوداتها الإيجابية على جميع الأصعدة التنموية؛ البشرية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها من المجالات الحيوية سيسهم بفعالية في تحسين الإنتاج وتوفير فرص العمل وتطوير مجالات البحث العلمي والتعليم بمختلف المستويات، بالإضافة إلى فتح آفاق جديدة للشباب اليمني في مجال المعارف والمعلومات عن طريق تيسير التعامل والتواصل والاطلاع عبر تلك الوسائل التكنولوجية الرقمية ليتسنّى العمل على تنشئتهم وفق الأسس والمبادئ والقيم السامية التي تنمّي فيهم روح المبادرة والقُدرة على الابتكار لما فيه المصلحة الوطنية والإنسانية، وتلك هي القضية. [email protected]