عقب خروج المتسابق اليمني وليد الجيلاني من الأدوار النهائية لبرنامج «عرب أيدول» وبالتالي حصوله على الترتيب السادس بعد أن كان مرشّحاً فوق العادة لخطف اللقب؛ ذهب البعض هنا إلى وجود مؤامرة أو إقصاء أو «فيتو» مفاده أنه من غير المقبول أن يتجاوز متسابق يمني ذلك السقف. وقبل ذلك فسّر البعض هنا, احتفاء القنوات الرياضية الخليجية ومحلّليها بالمُنتخب اليمني المشارك في «خليجي 22» بأنه لا يرجع فقط لكون منتخبنا قدّم أداء مشرّفاً ومثيراً للإعجاب وحسب, وإنما لرغبة خليجية في إيجاد نوع من الحميمية في العلاقات الشعبية الخليجية مع اليمن, حتى لا يكون شعور الملايين هنا بالضيم من إخوانهم مدعاةً للقبول بالآخر «الإيراني». وبعيداً عن مدى صحّة التحليل الأول أو التفسير الثاني, فإن هناك حاجة خليجية يمنية مشتركة لإعادة صياغة علاقات التعاون والشراكة والتضامن بين أشقاء وجيران في إقليم شبه الجزية العربية والخليج. تجدر هنا الإشارة إلى مطالبة القمة الخليجية الخامسة والثلاثين بسحب الميليشيات الحوثية من جميع المناطق التي سيطروا عليها وإعادة جميع المؤسّسات والأسلحة إلى الدولة, ودعوة البيان الختامي اليمنيين إلى تجاوز خلافاتهم والوصول إلى حل سياسي, وتأكيد الدعم لجهود الرئيس عبدربه منصور هادي لفرض الاستقرار, وحثّه كافة الأطراف على تغليب المصالح العليا لليمن والخروج بقرارات تصب في صالح أمن واستقرار البلاد. لكن في مقابل هذا الموقف القوي؛ ينتظر اليمنيون ترجمة واقعية للمواقف الخليجية تجاه اليمن, وبشكل يرتقي إلى حجم تطلعات وآمال اليمنيين, وأيضاً يتناسب مع كون ذلك يمثّل حاجة خليجية على اعتبار أن اليمن جزء لا يتجزّأ من المنظومة الإقليمية وعمق استراتيجي لجغرافيا ومصالح استراتيجية وأمن قومي دول الجزيرة والخليج. على بلدان مجلس التعاون أن تدرك أن الأزمة اليمنية كانت في مختلف المراحل مشكلة اقتصادية بالدرجة الأولى وليست سياسية أو غيرها, وأحداث العام 2011م كانت تعبّر بالدرجة الأولى عن انفجار لمشاعر شعب مطحون وجائع, اعتبر أن كل مشكلاته سوف تنتهي إذا انتفض على نظام فاسد؛ لكنه اكتشف في نهاية المطاف أن وضع البلد يحتاج إلى مساعدة وإسناد من أشقائه. صحيح أن الجميع يلقي باللائمة على الحكومة اليمنية في عدم قدرتها على استيعاب وتخصيص المنح والمساعدات التي يتم جمعها في مؤتمرات أصدقاء اليمن والتي يأتي أغلبها من الجانب الخليجي, ولكن في المقابل يستطيع الأشقاء أن ينشئوا بأنفسهم صندوقاً أو جهازاً لتوجيه المساعدات وإنشاء المشاريع التي يحتاجها البلد, ولهم في ذلك قدوة حسنة تتمثّل في الهيئة الكويتية التي كانت تتولّى إقامة المشاريع الخدمية والتنموية في اليمن بشطريه قبل عقود. وأيضاً المسار الآخر يتمثّل في إعطاء الأولوية للعمالة اليمنية في سوق العمل الخليجية؛ فكلما جرى تضييق الخناق على هذا البلد المنهك كانت النتيجة صناعة مسلّحين وانتحاريين, وكلما جرى احتواء واحتضان الأشقاء الخليجيين لأشقائهم اليمنيين كان ذلك سبيلاً إلى صناعة أمن شعبي يمني يحمي الخليج والجزيرة.