منذ الحرب العالمية الأولى في العقد الثاني من القرن المنصرم, مثل الوطن العربي مرتكزاً لحركة التغيير في النظام العالمي التي ترسمها استراتيجيات القوى الدولية الكبرى, حيث مثلت اتفاقيات سايكس بيكو ووعد بلفور منطلقاً لصياغة النظام الدولي الذي مثلته عصبة الأممالمتحدة وأساساً لهيمنة وتحكم قوى الاستعمار الأوروبي القديم بالمصالح والنفوذ على كامل الجغرافيا السكانية في الكرة الأرضية. جاءت التحولات السياسية في النظام العالمي بين الحربين مرسومة على استراتيجية تجزئة الأمة العربية, والهيمنة على موقعها الحيوي ودورها السياسي على الساحة الدولية, وانتهت الحرب العالمية الثانية بوضع عربي مجزأ تحت حراسة ثكنة استيطانية متقدمة للعسكرية الأوروبية أقيمت في فلسطينالمحتلة, تحت اسم “اسرائيل”. انطلقت حركة التحرر الوطني في الأقطار العربية رداً على النكبة القومية في فلسطينالمحتلة عام 1948م, رافعة شعار التحرر والوحدة العربية في ظل نظام القطبية الثنائية بين المعسكرين, ثم زوال قوى الاستعمار القديم لصالح الولاياتالمتحدةالأمريكية التي أعادت صياغة استراتيجية الهيمنة وفق لمتغيرات العالمية وبذات الأسس التي تضمن تجزئة الأمة العربية تحت حراسة الكيان الصهيوني في فلسطينالمحتلة, في ضوء ما أسفرت عنه معارك المشروع القومي العربي في صفقة احتكار السلاح 1955م, والعدوان الثلاثي 1956م, وما رافقهما من حياد ايجابي في معسكر عدم الانحياز. بعد انتهاء الحرب الباردة عاد الاستعمار العسكري في ظل نظام عالمي أحادي القطب تزعمته الولاياتالمتحدة وقادت به حرباً مفتوحة ضد الأمة العربية, بدءاً من العدوان على العراق 1990, مرورا بما جاء بعده من حروب عدوانية أعادت العراق الى الوصاية والاحتلال العسكري عام 2003م, ووقوفاً عندما يتحرك على الأرض من حروب العدوان الأطلسي على الأمة في ليبيا وسوريا منذ العام 2011م. يتحمل العرب المسئولية الكاملة عن فشلهم وعجزهم في تأسيس منطلقات النهوض القومي الحضاري المعاصر, والتصدي للعدوانية الصهيوأطلسية والقضاء على عوامل الهزيمة العربية في الذات, وفشلهم في بناء القوة على النهوض والقدرة على الانتصار, غير أن هذا لا ينفي الحالة التاريخية الثابتة للعدوانية الصهيو أطلسية على الأمة العربية وعلى حقها التاريخي في التحرر والاستقلال والنهوض المعاصر. اليوم وبعد مائة عام من استراتيجية سايكس بيكو, تتحرك قوى هذه الاستراتيجية على ذات الأرض العربية لترسم النظام العالمي الجديد وما يعتمل فيه من مؤشرات دالة على عصر قادم في نظام متعدد الأقطاب حيث يتجزأ الوطن العربي بالطائفية والقبلية, ويستخدم النفط العربي في خدمة القوة الأمريكية واستراتيجياًت هيمنتها على العالم المعاصر. [email protected] رابط المقال على فيس بوك رابط المقال على تويتر