هناك سمات وفروق بين أمّة وأخرى، وبين شعب وآخر، وجماعة وأخرى، فالأولى تتعامل فيما بينها بالصدق والأمانة وتسود بين أفرادها العدالة واحترام الآخر، علاقة فيها من التكافل الاجتماعي مالا يكون فيه أيٌ من هذه الأمة جائعاً أو معوّزاً، وهؤلاء هم أمّة عيسى، فما نلمسه فيهم هي كل الصفات التي ذكرناها سابقاً، ونحن أمّة الإسلام نفتقر إلى مثل هذه الصفات الحميدة، هم أمّة يصنعون ويزرعون ويأكلون من خيرات بلادهم ويعتمدون في كل شيء على ما يحتاجون إليه حتى لا يظلّون تحت رحمة الآخرين يستجدون هذا ويطلبون من ذاك كما هو حالنا كأمّة عربية وإسلامية والتي تأكل مما لا تزرع وتلبس مما لا تصنع. نحن أمّة كسولة نعتمد اعتماداً كلياً على ما يأتينا منهم، تصحّرت أراضينا الزراعية وأغلقنا ما كان لدينا من معامل ومصانع صغيرة كانت تسد جزءاً من احتياجاتنا، هم لا يتحاربون ولا يدمّرون ما بنونه خلال عقود خلت؛ بل يعملون على الحفاظ وصيانة كل ما بنوه، بل يعملون على تطويره وبناء المزيد بينما نحن نتقاتل فيما بيننا قتال الأبطال الصناديد؛ كل منا يشهر سلاحه ضد أخيه لقتله بل العبث به ولا يهمه ما سيكون عليه فعله إن في الدنيا أو الآخرة، المهم أن ينتصر كل منا على أخيه حقاً أو باطلاً، وما يدور الآن في أكثر من بلد عربي وإسلامي لأمر يندى له الجبين قتلاً، إرهاباً، اختطافاً، تدميراً لكل البنى التحتية..!!. وهل سمع أحد منا أن شعباً في أوروبا وخصوصاً في عصرنا الراهن أنه قاتل وحمل السلاح ليقتل بعضه بعضاً كما نحن عليه الآن، وهل سمع أحد منا أن حزباً أو حتى حكومة قد عملت على تنفيذ خطة أو عمل يسيء إلى شعبها لتستفيد منه قوى أخرى..؟!. لا أعتقد ذلك، بينما نحن في العالم العربي والإسلامي نتقاتل فيما بيننا لننفّذ تعليمات قوى أخرى لا تريد لنا الصلاح أو الإصلاح، وهذا ما هو ظاهر على السطح في عالمنا وأمتنا؛ لم أسمع يوماً أن أحداً في أية دولة أوروبية أو غير أوروبية قد ضرب بُرجاً كهربائياً أو فجّر أنبوب نفط أو قذف بقنبلة إلى أية منشأة اقتصادية كما هو قائم لدينا؛ لأنهم قد وصلوا إلى مرحلة متقدّمة من الوعي والإدراك أن مثل هذه المنشآت ليست ملكاً لأحد بل هي ملكٌ للشعب كلّه ويستفيد من ذلك كل الشعب، ومن العيب التعرُّض لمثل تلك المرافق المهمّة بينما نحن من السهل أن نضرب عمود كهرباء مقابل حفنة قليلة من المال؛ ولا يهم في ذلك تضرّر اقتصاد البلاد أو تضرّر الشعب في معيشته وحياته اليومية، هم يصدّرون لنا كل شيء ونحن نستورد كل شيء ولا ننتج شيئاً..!!. هذا هو حالنا، ومن يقل غير ذلك فهو مجافٍ للحقيقة، هم يحافظون على الوقت ويستثمرونه في العمل والبناء ونحن لا نضع للوقت أية قيمة، بعد كل هذه المفارقة نجد أننا نعيش حالة مخيفة من التخلّف الاقتصادي والسياسي والاجتماعي وكل مناحي الحياة، فهل نستفيق من هذه الغفلة القاتلة التي ستكون لها عواقب وخيمة إن لم نتداركها..؟!.