التشرذم ،وهاويات التمزق، ومزالق الحروب الدموية التي وصل إليها اليمن مؤخراً تضع الساسة اليمنيين أمام مسؤولية وطنية وتاريخية تحتم عليهم الإسراع لإنقاذ ما تبقى من وطن يهلك يوماً بعد آخر. إن كان الساسة اليمنيون فعلاً يعرفون معنى الوطنية الحقيقية والولاء الحقيقي لثرى هذه الأرض الطيبة التي ربتهم فإنهم وأمام كل هذه الكوارث التي تمر أمام عيونهم وهم أساساً السبب فيها، سوف يضعون أطماعهم جانباً ويصطفون لمصالحة سياسية تبرهن فعلاً ولاءهم للوطن وما دون ذلك ستظل شعاراتهم عن الوطنية مجرد ادعاءات باطلة قد سئم منها ومنهم 25 مليون يمني كادح ومقهور مازالوا يضحكون على دقنه لعقود خلت. كل هذا التمزق يجعلهم يعيدون النظر بشكل إنساني أولاً، ووطني ثانياً وتاريخياً ثالثاً، في كيفية الوصول لتوافق سياسي عاجل من شأنه تجنيب الوطن مزيداً من المزالق الاحترابية. كل ما حدث ويحدث من فقدان لشكل الدولة وانعدام احترام سيادتها وقوانينها يجعلهم يعيدون هيكلة لكل معطيات العمل السياسي الذي انتهجوه في الفترة المنصرمة ،والتي من شأنها أن جعلت الوضع يصبح كارثياً ووبالاً على الجميع ولن تؤتي أكلها سوى اندثار الوطن. لم يعد الواقع اليمني المتشرذم يحتمل مزيداً من العبث السياسي ومنطق الديكتاتورية وفرض الرأي بالقوة .لم يعد منطقياً أبداً أن نطالب بالسلام للوطن بينما نحن في المقابل نشعل النار في وجه من يخالفنا الرأي. بات حرياً بكل الساسة الجلوس تحت مظلة واحدة والتصالح السياسي والاحتكام للعقل والمنطق ونبذ كل أشكال العداء للآخر. هذا إن أرادوا الخروج من فوهة البركان الذي مازالت حممه تتطاير وستحرق الجميع ولن تستثني منهم أحداً. فعلى مدار التاريخ السياسي لم ينجح العنف في إجبار الآخرين على السمع والطاعة، بل على العكس، لم يولد العنف إلا مزيداً من رفض البطش والقوة. فمتى سنقتنع أن فرض القوة ليست هي الحل لجعل الخصوم ينصاعون مجبرين، بل الحل الوحيد هو التوافق والتصالح وتحكيم العقول والمصلحة الوطنية ومصلحة هذا البلد الذي مازال الجميع يخذلونه ويزرعون على جبينه شظايا الغل ورماح القتل وفي المقابل مازال الوطن يحتويهم بكل عصيانهم له. الفشل السياسي الذريع يحتم على الجميع التصالح لطي صفحة التخبط والعبث المروع الذي تعامل به كل المتناطحين السياسيين والذي كان نتيجته هذا الفراغ السياسي الذي يشهده اليمن والذي إن استمر فستكون نتائجه كارثية أكثر مما هي عليه الآن. ستظل مخرجات الحوار الوطني وما فيها من حلول شاملة وشافية لكل كوارثنا التي فاقت كل كوارث العالم هي المرجع الذي لابد أن يرجع إليه الجميع لنصل للأمان الذي ننشده لليمن ولكل اليمنيين. الشعب اليمني لن يظل كبش فداء لكل عنجهية الساسة أياً كان شكلها وأسلوبها وطريقة تعاطيها مع القضايا الوطنية. الشعب اليمني لن يظل أضحية لكل عبث ومجون يمارسه عليه الواقع السياسي بكل أجنداته وهمجيته. لن يظل طويلاً رهناً لكل عابث يريد تدمير حاضره ومستقبله و تاريخه. وحتما سيتكسر جدار القهر، وإن تكسر سيدوي وسيفجر كل عابث سياسي لم يراعي في الوطن إلا ولا ذمة. ولم يراعي في هذا الشعب الصابر ضميراً، ولا عهداً، ولا ميثاقاً. احذروا قوة الصبر إن دوت، فلن تبقيكم ولن تذر. [email protected]