المستجدات الأخيرة العاصفة التي نتجت بعد قدرة الرئيس هادي التخلص من الإقامة الجبرية في صنعاء وانتقاله الى عدن فرضت واقعاً جديداً على المتحاورين في « موفمنبيك» فبعد أن كانوا يتحاورون حول ترتيبات لشرعية جديدة « رئاسة وسلطة تشريعية وحكومة » فإذا بهم يجدون انفسهم أمام شرعية الرئيس هادي الذي يؤيدها مجلس الأمن بقرار دولي ومجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية والعالم برمته . وأمام المستجدات دعا الحزب الاشتراكي اليمني كافة القوى السياسية الاستمرار في الحوار وفق صيغة جديدة يتم فيها تمثيل حقيقي للجنوب لكل قواه الفاعلة وفي مكان أكثر أمناً تمثل في الحوار كل القوى السياسية بما فيها الرئيس عبد ربه منصور هادي كونه طرف في العملية السياسية وفقاً للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وبما يمنع انزلاق البلاد نحو الحرب وانتشار العنف بحسب تصريح لعضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني علي الصراري نشره «الاشتراكي نت» فبعد أن كنا نسمع من المبعوث الأممي جمال بن عمر ان القوى السياسية المتحاورة في موفنبيك على وشك التوصل لاتفاق نهائي يخرج البلاد والعباد من عنق الزجاجة أو يعبر بهم « المضيق » بتعبير الدكتور ياسين سعيد نعمان في كتابه المعنون « عبور المضيق » فإذا بنا نجد الحوار يعود الى البداية وتتغير مواضيعه وجدول أعماله . كم يحزننا في هذه البلاد المنحوسة بنخبها وقادتها وأحزابها وجماعاتها ومليشياتها أن نرى الحوار يراوح مكانه أو يعود الى نقطة البداية برغم ما يعانيه الوطن وابناؤه من الآلام والأوجاع دون أن يكترث لذلك قادته ونخبه وأمراء الحروب فيه ولا ندري من سيحكمون ؟! إذا سيطر عليهم العناد واللا مبالاة وقادة اليمن ونخبه مهما تغيرت اللافتات التي يضعون أنفسهم تحتها مشهورون بالعناد بل والغباء وهناك تجارب سابقة تحاوروا وكتبوا وثائق في غاية الدقة والروعة والجمال وقبل ان يجف حبرها يتحاربون ويتغلب بعضهم على بعض ليعدوا في عض اصابع الندم والمطالبة بالحوار مرة اخرى . هذه المرة نقولها بالفم المليان للنخب السياسية ومراكز القوى ومن يعتقدون أن بيدهم أدوات الحسم والقتال والفتك بخصومهم نقول لهم سيترككم العالم البعيد عنكم والأقارب والجيران والحلفاء حين تسلكون طريق الحرب والدمار سيتركونكم تدمرون بعضكم بعضا كما يحدث في العراق وسوريا وليبيا وسيذهبون ليشربون قهوتهم وانخابهم ليشاهدون جرائمكم من بعيد معربين عن القلق والحزن ووحدكم أنتم وأنصاركم واتباعكم من ستدفعون الثمن. فلتعلموا جميعاً أنه وفقاً لتاريخ هذا البلد لا يمكن لمن يحقق الغلبة ان يحكم بمفرده و لا يظن أحدكم أنه بإمكانه أن يحكم متجاهلاً مطالب الناس جميعاً أو أنه بما تحت يده من السلاح والمال يستطيع فرض إرادته بالقوة فقط هناك واهمون ينخدعون بما يلوح به الخارج من مغريات لكنهم عندما ينزلقون الى الحرب سيعرفون أنهم كانوا يستهلكون الوقت ويزينون لكم سوء العمل لتصلوا إلى مرحلة اللاعودة في خلافاتكم ويكون لهم ما أرادوا. فخير لكم في نهاية المطاف التوصل الى حل وسط من خلال الدخول في عملية تفاوضية أخرى جديدة تختلف تماماً عن المسار السابق الذي شهد جولات عديدة من الحوارات خلال الفترة الماضية بدلاً من تكريس الانقسام ودفع البلاد والعباد نحو تعقيدات جديدة للمشهد السياسي أو منزلق حرب أهلية لن تبقي ولن تذر. وأخيراً: اغلبية الدراسات الاستراتيجية تتحدث عن تفاهمات وتنازلات وتجنب الصدامات بين الكبار على مستوى الأقاليم والعالم وأن التوافق سيد الموقف وما نشاهده في بعض دول المنطقة « العراق وسوريا وليبيا» في إطار تفاهمات لتغيير خرائط وتقاسم نفوذ لم يفهمها قادة ونخب تلك البلدان فجرى تكسير عظامهم للوصول الى ما يريده الكبار اقليمياً ودولياً وسيصلون الى النتيجة في آخر المطاف ولكن بعد أن يكونوا متعبين منهكين مدمرين فالأفضل لليمنيين ساسة ونخباً ومراكز قوى وجماعات ومجموعات متنوعة ومختلفة أن يستفيدوا ويعتبروا مما يجري ويتوافقوا على حلول وسط قبل ان يجبروا على التوافق ولكن بعد تهشيمهم. [email protected]