المشاريع الصغيرة هي جملة معبّرة استعملها باستمرار الدكتور ياسين سعيد نعمان، الأمين العام السابق للحزب الاشتراكي اليمني، أمام الموتورين وهواة اللعب بالسياسة واللعب بالوطن واللعب على أعصاب وعقول البسطاء من الشعب اليمني وهواة العودة للوراء، وهواة البروز في الواجهة أمام عقليات المواطنين المتضرّرين من طرف ما وشخص ما، وجهة ما، وليس من الوطن، وقد استعمل هؤلاء تلك الوسائل لدغدغة مشاعرهم لأهداف تتعارض مع التاريخ، وتتعارض مع الاقتصاد، وتتعارض مع المنطق، وتتعارض مع طبيعة الأشياء، وتتعارض مع التقاليد، وأخيراً تتعارض مع الدين الذي نؤمن به، هذا إن كان هؤلاء حقيقة يؤمنون بتعاليم الدين وأبرزها قوله تعالى (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا)، فقط هي بالفعل لا تتعارض مع النفسيات المريضة والعقول المغلقة والجاهلة بمنطق الأحداث والعالم، وهؤلاء إن حسبنا حسابهم حتى وإن جَمّعُوُا لنا بأسلوب الكذب والتدليس والمنطق الأعوج الآلاف من البسطاء تحت لهيب الشمس المحرقة والبرد القارس نكون خارج السرب، لذا فنحن لا نهتم بما يردّدون أو يعلّقون على ما نكتب أو ما نحمل من مبدأ ورأي ورؤية والذي يتم نشره في أكثر من وسيلة نشر، رغم إنهم في تعليقاتهم وردودهم الساقطة وأحياناً المنحطة يمثّلون تربيتهم وأخلاقهم وفكرهم الأعوج الشاذ عن أصل الأشياء، وهم بالفعل يمثّلون عقلية متخلّفة تحمل كماً هائلاً من الحقد والبغض والكراهية لكل من خالفهم الرأي. هؤلاء لا يمكن أن يقيموا دولة أو يدعموا إقامة دوله، أو حتى يمثّلون دوله وشعب، هؤلاء رغم أنهم يمثّلون أنفسهم، ويمثّلون شواذ الفكر والعقل والمنطق، فإن أقصى ما يتقنوا فعله وتعلموه هو فقط تأجيجهم للبسطاء في الشارع، وذلك بنشر مرض الحقد والكره والعنصرية والطائفية وهم قاعدون مسترخون أمام أجهزة الكومبيوتر على بعد آلاف الكيلومترات، ولا يعرفون أو يُدركون أبعد مسافة من أنوفهم، وأكاد أجزم أن المجتمع الدولي ودول الإقليم وحكوماتها عرفتهم أكثر مما عرفهم البعض منا ممن هم قصيرو النظر والرؤية، عرف المجتمع الدولي ودول الإقليم أن السير خلف تلك العقول والعقليات إنما هو فتح لباب جهنم من الصراعات الصغيرة والمتفرّقة، المنطقة في غنى عنها ويكفيها ما تحمله من صراع هنا وهناك. قد يذهب البعض من هؤلاء ويتساءل ويطرح أمامنا أمثله من رموز أشخاص منهم، عركوا السياسة وتسلّموا مناصب عالية في السابق وفشلوا فشلاً ذريعاً في مناصبهم، وأيّ كانت أسباب فشلهم إلا أنه من المنطق أن يعي المثقف أن دور هؤلاء الرموز قد انتهى، وتلك سُنّة الحياة، ولا يمكن لأي شعب واعٍ أن يعطيهم الفرصة ثانية وثالثة ورابعة لنكون نحن والوطن مختبراً لأغراضهم وأهدافهم الشخصية وأوهامهم وخططهم، فهم لم يستطيعوا إدارة البلد وهي مستقرة فكيف بهم أن يستطيعوا إدارتها وهي تحت رحمة عواصف من كل الجهات. إن حقيقة هؤلاء هي حبّهم الشخصي للسلطة والتسلّط، لذا نجدهم يتصدّرون مشهد المشاريع الصغيرة باستمرار، ونجدهم يذهبون ويسافرون ويستعرضون هنا وهناك، وفي أكثر من محفل وأكثر من فضائية، صدقوني ليس حباً في الوطن وساكنيه، ولكن حباً في السلطة والتسلط حتى وإن وصلتهم على أكوام من الجثث وبحر من دم البسطاء من الناس. لست أدري كيف يفكر هؤلاء ومن يميل إلى تفكيرهم وآرائهم، وكأن هؤلاء لا يُدركون أن لكل مشكلة وأزمة عدة أوجه من المخارج والحلول وهي مسألة إدارة وسياسة وليس رياضيات حلّها بقانون واحد لا غير. لست مع هؤلاء ولم أكن ولن أكون مهما تعددت وتنوعت لغة الهابطين في اللغة والأخلاق والتعليق على وجهة نظري فقد خبرناهم سنين طويلة، وعرفنا مراميهم وقلوبهم السوداء بل وعنصريتهم مع وعلى كل من يختلف معهم، وفي نفس الوقت لسنا مع من يستبد ويتسلّط على البلاد والعباد في كل أرجاء الوطن من أقصاه إلى أقصاه، فالظلم والاستبداد والدكتاتورية والفساد وهضم حقوق المواطنين وصفه وشكله ومصدره واحد، لا يمكن أن نحارب ونقاوم ذلك انتقاماً من مصدره بهدم الوطن بمن فيه ظالماً ومظلوماً، نكاية وحقداً على سياسة رعناء وتسلّط أعمى من أفراد وليس من وطن، فالمشاريع الصغيرة حقيقة حتى في المجال التجاري والاقتصادي لا يمكن أن تصمد أمام عواصف التجارة من منافسه وسوق وإنتاج وجودة وشركات كبرى وفي النهاية ستهوي وستسقط، وعلى نفس المنوال تصبح الدول الصغيرة في هذا الزمن بالتأكيد عرضة للأحداث والاضطرابات والتفكّك والحروب والاقتتال، وفي النهاية تسقط في براثن تجّار الحرب وأمراء السلاح والحروب المناطقية والقبلية الصغيرة، فهل يُدرك من يمشي خلف وهم المشاريع الصغيرة ذلك؟. [email protected]