هل كان نظام حكم الرئيس علي عبدالله صالح قريباً من المرجعية الأيديولوجية لجماعة الإخوان التي كانت الحليف الاستراتيجي والتاريخي لسُلطته خلال ثلاث عقود تقريباً، وما الذي مثّله نظام الملك في الأردن لجماعة الإخوان هناك حتى تكون على وفاق مع النظام وسياساته إن لم تكن حليفة له على العموم، ولماذا لم تصل الجماعة بهذين النظامين: الملكي والجمهوري إلى ما وصلته من عداوة وقطيعة مع غيرهما من أنظمة الحكم في الأقطار العربية الأخرى..؟!. هذه أسئلة تتطلّب إجابتها دراسات علمية بمناهج التحليل السياسي المقارن وغيره من مناهج البحث العلمي؛ لكن مقاربته بمنظور انطباعي كرأي في الظاهرة وتفسيرها أمر تقتضيه الأحداث الراهنة وتتستدعيه المصلحة من رؤية المسارات السياسية المتحرّكة في كل الوطن العربي على أساس من الربط العضوي بين جذورها التاريخية وتجلياتها في الحاضر المشهود. أولى المعطيات الظاهرة من علاقة جماعة الإخوان بنظام الملك في الأردن والحمكم الجمهوري في اليمن قبل الوحدة وبعدها، وتشير إلى غياب المواقف الأيديولوجية للإخوان من نمط الحكم؛ إذ يقبلون العمل مع نظام الملك المطلق ومع نظام جمهوري شكلي ومفرغ من مضامينه الدستورية والمؤسسية؛ وذلك يدل على أن الجماعة لا تعارض سُلطة الفرد إذا التزمت سياساته بعضاً من الشكليات المعبّرة عن التزام مجتمعي بالإسلام ومعاداة الأفكار والمذاهب الحديثة من قومية ويسارية وعلمانية..!!. ثاني المعطيات الظاهرة من التجربة التاريخية من علاقة الإخوان بنظامي الحكم في اليمنوالأردن تشير إلى غياب الموقف المبدئي الواضح للجماعة تجاه التعدّدية الحزبية والانتخابات، حيث تعايشت الجماعة مع حظر وتجريم الحزبية وتحديداً في شمال اليمن قبل الوحدة وكذلك مع هذه التعدّدية في الأردن وفي اليمن بعد الوحدة، وهذا يعزّز إلى ما سبق الصدق النسبي في قولنا إن الجماعة لا تمتلك نظرية سياسية واضحة في مبادئ الحكم وشرعية سلطاته ومؤسساته. وإجمالاً فإن تجربة التعايش بين جماعة الإخوان إن لم نقل التحالف بين نظامي حكم عربيين يمثّل إيجابية محسوبة لفرعي الجماعة في اليمنوالأردن وتجربة محمودة لتاريخهما السياسي الذي كان صداماً كاملاً وتاريخاً مليئاً بالمآسي والويلات في أقطار عربية أخرى؛ وهو ما يدفعنا إلى التشديد على ضرورة الدراسة العلمية الموضوعية لتجربة الجماعة في القطرين، واستنتاج ما تشير إليه من دلالات ومعطيات تسهم في ترشيد الصدام المتزايد بين جماعة الإخوان وتيارات سياسية أخرى في سُلطة الحكم وخارجها وخصوصاً في الأقطار المشمولة بما يُعرف ب“الربيع العربي”. [email protected]