في البداية الانتحار هو جنون، والانتحار الفردي نتيجة الهروب من المشاكل والأزمات لأي فرد ما في الكون هو بالقطع يؤدي إلى التهلكة وإلى جهنم الحمراء مهما كانت الأسباب والمسببات والتبريرات، فجهنم هي مصير من يتجه إلى الانتحار. ونحن المسلمون لا يمكن ولا يجيز ديننا الانتحار، وهو معناه هنا القطع بعدم وجود أمل نهائياً لحل المشكلة أو الأزمة أو المرض، لذا فإن الانتحار عمل مرفوض من قبل الفرد المسلم المؤمن بربه ودينه. والانتحار بتفسيره هو أن تقود رجليك ونفسك إلى مكان أنت واثق و تعلم أنه سيفضي إلى نهايتك الحتمية وإلى زوالك من هذا الكون وهنا تلك مصيبة، ولو عرجنا على الانتحار بمعناه السياسي في إطلالتي القصيرة هذه هو أن الفئة أو الحزب أو المكوّن السياسي التي تمثّل طرفاً ما وجهة ما أو أفراداً ما، عندما يذهبون بسياسة مكونهم السياسي هذا إلى الهاوية فإن مصير هذا المكون السياسي هو الزوال من المشهد السياسي للبلد. وذهابهم بحزبهم أو مكونهم السياسي والحزبي إلى الهاوية معناه نهايته ونهاية أحلامهم ومشاريعهم بل ونهاية مشاركتهم في الحياة السياسية في البلد، وهنا خسارة لهم وخسارة للوطن، أي كان توجههم السياسي أو الفكري أو العقائدي، ولا أظن أحداً وطنياً ومخلصاً ومتمنياً للوطن الاستقرار سيفرح للخلاص من فئه أو حزب له ممثلوه وأعوانه ومؤيدوه، أيٍّ كانت اختلافاتنا معهم فهم جزء من مكونات المجتمع في الوطن، وبالقطع لا نريد أن نخسر ذلك لأننا حينها سنرى الوطن بدون هؤلاء أيّاً كانت اتجاهاتهم الدينية والعقائدية والفكرية كمن يمشي وهو أعرج، وكما يُقال فالدين هنا لله والوطن للجميع. وفي المقابل هنا فإن الانتحار ليس بالضرورة هو الاحتجاج على الآخرين وعلى مشاركتهم في الحياة السياسية، وإقصاؤهم من المشاركة السياسية في مسيرة البلد والذي هو بلدهم وإن اختلفنا معهم حتى وإن هم متطرّفون دينياً، وأنا هنا (كشخص) لا أميل مطلقاً لتلك الفئة المتطرفة دينياً ولكنني لا أستطيع ولا أقبل من نفسي أن تُحجر على هؤلاء الناس حق المشاركة في الحياة السياسية في البلد ما داموا سلميي الفكر والعمل. والقانون هنا هو الفيصل حيث يجب أن يكون. وكذلك من كان يحكم في السابق من النظام السابق أو ما قبله ومن ممثليه فإنه لا يحق لأحد مطلقاً غير القانون أن يستثني أحداً ما من مزاولة نشاطه السياسي إلا بالقانون، تلك هي المشاركة السياسية الحقه والتي يُفترض أن يتمتع بها الجميع فهي حق للجميع دون استثناء إلا بالقانون، ويقيني أن مشاركة الجميع ومساهمتهم في حكم البلد هو بالإضافة إلى أنه حق رباني مشروع فإنه يثري التنوع الفكري في استنباط حلول أكثر لمشاكلنا وهي هنا لن تنحصر في فئة واحدة واتجاه واحد وفكر واحد. لذا فإن مشاركة الجميع في المسألة السياسية وفي حكم اليمن هي مسألة مفروغ منها ولا تحتاج إلى نقاش وأخذ وعطاء وتنازلات، فالبلد للجميع وملك الجميع وإدارتها من قبل الجميع أفضل بالتأكيد من أن تكون من فئة وجهة واحدة، ومن يعترض على ذلك ويعتمد على اعتراضه على القوة والدين فهو هنا يخالف المنطق والعقل والمسلمات السياسية بل والدينية حيث أمركم شورى، والطرف الذي يصر ويتعنت على رفض الآخرين أياً كان هو فإنه هنا يسير في طريق الانتحار لأنه يسير عكس التيار السياسي في كل بلاد العالم، وهو هنا يتجه نحو الانتحار الذي في النهاية سيؤدي إلى نهاية مكونه السياسي وربما المجتمعي من المشاركة السياسية الفعّالة في الوطن، وصدق من قال: إن كنت لا تدري فتلك مصيبةٌ وإن كنتَ تدري فالمصيبة أعظمُ [email protected]