أثار انتباهي الخبر الذي تناولته العديد من وسائل الإعلام الرسمية والحزبية والكثير من المواقع الإخبارية حول تأخُّر صرف المخصّصات المالية للعديد من المستشفيات الحكومية مما يهدّد بتوقف الخدمات الطبية فيها؛ الأمر الذي سيعرّض حياة آلاف المرضى للخطر..!!. الهيئات الإدارية القائمة على تلك المستشفيات أكدت أن الخدمات التي تقدّمها قد تتوقّف إن لم تسارع وزارة المالية إلى رفدها بالمخصّصات المعتمدة حتى تستطيع الاستمرار في تقديم خدماتها والإيفاء بالتزاماتها تجاه الغير، وبالذات فيما يتعلّق بمرضى الفشل الكلوي، حيث إن الشركة الألمانية المورّدة للغسيل الكلوي أعلنت توقفها عن تزويد المستشفيات بالمواد الخاصة بالغسيل إلى أن يتم تسديد ما تبقّى من مستحقاتها للنصف الثاني من العام 2014م. ولا شك أن توقُّف وحدات الغسيل الكلوي في تلك المستشفيات لا يعني سوى الموت المحقّق لآلاف المرضى الذين يعتمدون على تلك المستشفيات في الحصول على هذه الخدمة للبقاء أحياء، ناهيك عن بقية الخدمات الطبية التي تقدّمها تلك المستشفيات من إسعافات وعمليات جراحية والمهدّدة بالتوقف نتيجة انعدام المواد الطبية فيها إضافة إلى توقف ميزانياتها التشغيلية..!!. المثير للدهشة هو أن هناك المليارات التي تُصرف لأغراض لا يستفيد منها المواطن بقدر ما تذهب في اتجاه شراء الولاءات أو تُصرف مراضاة للمخرّبين وقطّاع الطرق، أو تقدّم كهبات للنافذين وأصحاب الحظوات. أمر مؤسف حقّاً أن يصل بنا الحال إلى ما نحن عليه اليوم في حين لاتزال المكوّنات السياسية تتصارع بحثاً عن مغانم السُلطة، ولا تعنيها أوجاع وهموم الملايين من اليمنيين البسطاء الذين يعانون شظف العيش وتدهور الأوضاع الاقتصادية والأمنية. ليس أمامنا ونحن نقرأ مثل هذه الأخبار إلا أن نتساءل: أين دور قيادات الدولة والمكوّنات السياسية المتحفّزة لمواجهة بعضها البعض والتي نراها تصرف الملايين لاستقطاب الأنصار وتجنيد المليشيات وشراء الولاءات، فيما المواطن الذين يدّعون أنهم يعملون من أجله يموت جوعاً وألماً ومهدّد بالموت نتيجة توقف الخدمات الطبية التي هي من أبسط الأولويات التي ينبغي الحصول عليها.؟!. ونتساءل أيضاً: كيف يستطيع هؤلاء توفير كل هذه المبالغ لخوض صراعاتهم فيما يسوقون عشرات المبرّرات إن كان الأمر متعلّقاً بصرف المخصّصات المالية للمستشفيات والمراكز الصحية وغيرها من الخدمات الضرورية التي يحتاجها المواطن..؟!. المضحك أن المكوّنات السياسية منغمسة في حوارها العقيم ومنشغلة بتقاسم المناصب والغنائم فيما بينها؛ فيما الأوضاع العامة بكل جوانبها تنهار أكثر وأكثر وكأن تلك المكوّنات ومن يقفون خلف هذا الصراع يعيشون في وادٍ آخر ولا يشعرون بحجم المأساة التي ابتدعوها لهذا الشعب ذات يوم. فمتى تستشعر قيادات الدولة والمكوّنات السياسية مسؤولياتها وتنظر إلى مجمل الأوضاع من حولها بعين المسؤولية وتدرك أنها وجدت من أجل خدمة المواطن والتخفيف عنه ولم توجد من أجل زيادة أعبائه والرقص على أوجاعه..؟!