بسرعة مذهلة لبست تعز لامة الثورة بإشارتها الحمراء؛ لأنها في الأساس جاهزة لمثل هذه التضحيات، وهي لم تضع عصا الثورة السلمية أبداً، هذه الجاهزية العجيبة هي سر قوّة هذه المحافظة وسر دورها الفاعل في التحكّم بالأحداث وإبطال كل المشاريع الصغيرة والسوداء. لم يكن أمس الأحد سوى يوم مشهود من أيام تعز؛ فيها أكدت أصالتها وبسالتها التي لا تنكسر ولا تعرف اليأس لقد خرجت بهدير جماهيري ترفض التواجد المليشاوي وترفض أن تكون تعز قاعدة لضرب عدن؛ فكم حضنت تعزعدن وكم احتوت عدن بحب تعز. إنها العلاقة التي لا يطمسها الزمان ولا تمحوها نزوة فرد أو هوى عصابة خارجة من دهاليز الأيام الغابرة، صمد الشباب أمام الرصاص والغاز وتعاملوا معها كلعب أطفال بل قل إنهم تلاعبوا مع الموت الذي يهون أمام كرامة الوطن وحرّية الإنسان هم يصنعون الحياة ويدركون الشهداء؛ هم الباقون، وكلما سقط شهيد أنبتت تعز ألف ثائر، سقط جرحى وأصرّ الناس على استمرار ثورتهم السلمية التي تقهر القوة. التاريخ يخبرنا أن القوة لا تنتصر على إرادة الناس لقد تحوّلت السلمية إلى سلاح فتّاك وقوي في يد أبناء تعز، وعرفوا سر هذه القوّة التي لا تُقهر؛ هكذا عوّدتنا هذه المحافظة الباسلة التي اتّحدت اليوم ما لم تتحد من قبل أنها في مرحلة صناعة التاريخ وانتزاع الكرامة ورفع راية الحرّية وغرس فسائلها في عمق تربة الوطن. عاشت تعز حالة من الوئام والوحدة وبسلام تام بين كافة مكوّناته بعيداً عن تداعيات الصراع وعبثه بقيادة محافظ المحافظة الأستاذ شوقي هائل الذي انحاز إلى أهله ومازال يقاوم كل أوباش الخراب، مستعيناً بالله؛ ثم بإرادة جماهير تعز التي يمثّلها ويترجم إرادتها. لقد عاشت تعز بعيداً عن الفتنة والصراع ومازالت حتى تسلّل إليها البعض من خارج المحافظة بلباس الأمن؛ لعلمهم أن تعز تحترم الدولة بالقدر الذي ترفض الفوضى والمليشيات؛ لكنهم تناسوا أن تعز تعرف الفوضى والفوضويين، وتميّز رجل العصابة حتى ولو لبس بدلة العسكري أو قميص الرهبان، ولهذا انتفضت إلى أمام معسكر «القوات الخاصة» لتعلن رفضها للمليشيات ورفضها لاستخدام بدلة الأمن وعنوان الدولة كغطاء لأعمال غير شرعية، وهي مستعدّة لأن تصعّد بصبر وإرادة يقهر السلاح ويذيب الرصاص..!!. السُلطة في تعز أعلنت بوضوح عن طريق بيان اللجنة الأمنية وهي المسؤولة الشرعية في المحافظة عدم شرعية هذه التصرّفات، وأنها مع تعز وضد هذه الأعمال، وهو ما يؤكد أن كل هذه الأعمال والأفراد عبارة عن متمرّدين وتمرُّدهم غير مقبول وأنهم مسؤولون عن كل قطرة دم تسقط. [email protected]