عندما أُحرقت ساحة الحرية في 2011م ،جف حبر قلمي لسنة كاملة ، كلما أحاول كتابة مقال أتذكر تلك الدماء التي سالت على ممرات مستشفى الصفوة ، والشهيد الذي لفظ أنفاسه أمامي ولم نعرف هويته ، وأتذكر ذلك الدخان الأسود الذي لم يتصاعد نتيجة إحراق الخيام بل نتيجة إحراق آمال الشعب الثائر أتذكر كل ذلك فيجف حبري. والآن وبعد مرور أربع سنوات أجدني أكتب بحزن أعمق من ذلك الحزن الذي مرّ بي عند إحراق ساحة الحرية ، لأن الوضع تفاقم إلى إحراق وطن ، نعم وطني يحترق ، بلادي تسير نحو المجهول ، وطني يقبره أبناؤه الذي فضلوا إدارة الصراعات على السلام ، فضلوا الانصياع لدول الإقليم على حب الوطن ، أصبحت بلدنا منقادة لدول الأقليم ونتيجة هذا الانقياد هو جثث الأطفال والشباب والكبار في الشوارع ، وأصوات الانفجارات التي جعلت من اليمن ساحة حرب وتصفيات . حتى السلاح الذي ادّخره القادة للدفاع عن اليمن ، لم يُوجه إلا لصدور اليمنيين في المظاهرات ، سلاح اليمن لم يدافع عن اليمنيين ولكنه قتلهم . ودول الجوار بكل سهولة وجهت قواتها نحو مطارات اليمن ليستوي القتل خارج اليمن وداخلها لأبناء اليمن ، هل تعلمون يا من تشنون الحرب على اليمن بسبب أبنائه أنكم تقتلون يمنيين آخرين في مطارات الدنيا وهم يرغبون بالعودة إلى بلدهم ، يعوزهم المال للبقاء في بقية البلدان ، ويحوجهم المرض للسفر إلى خارج اليمن ، ومرتبطون بالدراسة ، فتعلقت مصائرهم بتوقف المطارات وحظر الطيران . كل هؤلاء اليمنيين من يتحمل نتائح توقفهم في المطارات داخل اليمن وخارجها ، من يتحمل جوعهم وتشردهم ، وكرامتهم المهدورة على أرصفة المطارات ، لا سامح الله كل يمني اعتدى على أخيه من أجل جاه وسلطان ودنيا ، لا سامحهم الله وهم يشعلون فتيل الحرب ليكونوا أدوات لدول الإقليم ، وللجشعين من أبناء اليمن العاقين المهووسين بالسلطة . ما ذنب أبناء اليمن ليدفعوا هوس أشخاص بالسلطة؟ ما ذنب أبناء اليمن ليستعدي القادة بعضهم بعضا ويتدخل الآخرون ليحطموا كل ما يمكن أن يدفع عن بلدنا الأذى لا سمح الله؟ من يريد أن يساعد اليمنيين فليكن وسيطا لوقف الحرب وليس لتأجيجها ، للم الشمل وليس لتفريقه ، لحقن الدماء وليس لإراقتها . أبناء اليمن في تعز وعدن والضالع يدفعون ثمن الحرب بالوكالة ، فلا نامت أعين الجبناء الذين قبروا الوطن بدماء أبنائه . [email protected]